Part 28 الأخير
الشمس قاربت الغروب عندما وصلنا أخيرا لمدخل المملكة، رحلتنا أستمر لشهران وكان وجود هاغرا معنا ممتعا حتى زاهاك أحبه رغم أنه كان دائم الغضب منه بسبب كثرة كلامه ومقاطعته لنا
ولكنه لم يظهر حبه أبدا كان يتصرف معه بقليل من البرود وحذر شديد
من خلال تصرفاته معه يمكنني أن أجزم بأنه سيكون والدا جيدا لطفلنا
ولكنه بالطبع مدرب مخيف لايعترف بالراحة
كان يجعل الولد المسكين يقوم بالكثير التدريبات المخيفة
أسوء من ما كان يقوم به معي وأكثر تعقيدا
من الجيد أنه تساهل معي
" هل هجينك متأكد بأننا في مملكة المجنحين، كل ما أراه هو الكثير من الجبال العالية أعجز عن رؤية قمتها
بسبب طولها الفارع " أستفسر زاهاك عاقدا حاجبيه
مخرجا أياي من شرودي بالأيام الماضية
وقبل أن يخرج كلمة من فمي قاطعني نقيع غراب هاغرا
نعم لقد حصل على واحد كما طلب منه زاهاك
وأستخدم نصف ريشه في تعويذات فاشلة
" المملكة تقع فوق تلك الجبال إنهم مجنحين فمن الطبيعي أن يعيشوا في أماكن عالية
كما أن هذان التمثالان المجنحان يأكد وصولنا للمملكة،
جيت بالله هاغرا أغلق فم ذلك الغراب "
" لايملك عقلا ليفهم ويفعل ما أقوله كما أن صوته ليس بذلك الازعاج "
" معك حق أنت أكثر إزعاجا " قال زاهاك بغير مبالاة
ليرد هاغرا بنفس اللحظة" هل تبحث عن الشجار "
" بل أنا أتوق للشجار "
" حسنا سأريك قوة الملك الحقيقي "
" لست ملكا حتى الآن كما أنك ضعيف "
" على الاقل لست مطرودا من مملكتي "
" سأحرص على قطع لسانك "
" يكفييييي " صرخت بوجههما بأقصى قوتي ليبتعد الاثنان عن بعضهما ويديهما فوق آذانهم
للمرة الأولى يفعلان ما أقوله يبدوا أني سأصرخ عليهما كثيرا في الأيام القادمة
بدأنا بتسلق الجبل العالي وقررنا عدم النوم الليلة
عند ظهر اليوم التالي كنا قد وصلنا للقمة أخير حيث يوجد المملكة
لم يقم أحد بأعتراض طريقنا لأننا دخلنا للمملكة كالتجار
أتينا لأجل رؤية البضائع والشراء
طلب الحارس رؤية نقودنا وفي تلك اللحظة كنت خائفة للغاية لأن المستذئبين لا يعترفون بشيء يسمى نقود
كان يمكن أن يمنعونا من الدخول وتحدث معركة هنا بسبب أعتراضنا عن الرحيل
لكن هاغرا أنقذ الموقف عندما أخرج الكثير من القطع الذهبية وأراه للحارس
وها نحن الآن نتجول داخل سوق المملكة والتي لا تختلف أبدا عن ما رأيته عندما خرج روحي من جسدي
" ماذا سنفعل الآن " تسائل هاغرا بتعب ولو كان الأمر بيده لتمدد هنا ونام على الفور
" أنت تملك الكثير من النقود فما رأيك أن تشتري لنا شيئا للأكل ثم تسأل عن مكان نستطيع أن نبيت به "
أقترحت ليومأ أيجابا ويتجه لأحد البائعين في السوق
عاد بعد دقائق يحمل كيسا ورقيا
" تكلم البائع عن وجود حانة في ذلك الطريق فيها غرف فارغة يمكننا البقاء بها الليلة "
قال وقاد الطريق ذاهبا الحانة الذي لا نعلم أين يقع
لم يكن أيجاد الحانة صعبا فعلى مسافة بعيدة كان بأمكاننا سماع صوت الموسيقى المصاحبة للضحكات العالية
الكثير من الرجال الثملين كانوا يترنحون أمام باب الحانة
ويحاولون العودة لبيتهم ربما
أما عن الداخل، اللعنة كان مكانا فاسقا بالفعل
النادلات لم تكن مجرد نادلات بل كانوا فتيات جميلات ذو أثداء كبيرة يرتدين القليل الثياب ويعملن كبائعات للهوى بنفس الوقت
أسرعت بسحب رأس زاهاك بعيدا عنهن وجعله ينظر لناحيتي حيث لا يوجد سوى الحائط الخشبي
" لاتنظر لذلك الجهة المنظر غير جميل "
" لماذا ماذا هناك " قال وحاول الاستدارة ولكني سحبته رأسه بسرعة قبل أن يلتفت
" أفعل ما أقوله لك حبيبي هيا أستأجر غرفة أنا متعبة أريد النوم "
" جهز الغرفة " قال هاغرا للرجل المسؤول عن الغرف ليقاطعهم زاهاك " بل أجعلها غرفتان "
" ومن سيدفع ثمن الغرفة الأخرى "
" أنت بالطبع أعتبرها رد للدين لاني دربتك ولانك أزعجتني كثيرا خلال تلك المدة "
عبس هاغرا بوجه ولكنه لم يقل شيئا دفع ثمن الغرفتين للرجل الذي عاد للتو وبيديه مفتاح الغرفتين
" الغرفتان موجودتان في آخر الرواق يمكنكما الانضمام للشرب والتسلية قليلا مع الفتيات " قال الرجل بإبتسامة واسعة ليتوسع عيناي بصدمة وأسحب زاهاك من يده ناحية الغرفة " لانريد نحن متعبون " ولم ألقى أي أهتمام لكلام هاغرا وقوله أنه سينظم لهم بعد أن يأخذ قسطا من الراحة
أغلقت باب الغرفة بقوة ورميت جسدي لاستلقي فوق السرير متنفسة براحة، جيد لم يراهم
رغم أني أعرف أنه متيم بي ولكن الفتيات من جميلات وأنا لا أريده أن يراهم
ربما يصبح مثل بلاكي يعطي جسده لكل الحميلات
وعلى ذكر بلاكي لقد أشتقت له كثيرا معه أنه عاهر أحمق
لكنه يظل صديقي الوحيد والذي أحببته كالحمقاء في أحد الأيام
* توقفي عن الحماقات قلبك لزاهاك فقط*
" كارا؟ أنتي غائبة منذ مدة "
*وما فائدة وجودي طالما ذلك الولد المزعج معكم*
" ما سبب هذه النبرة الكاره"
*أليس واضحا أشتاقت للانحراف مع رفيقها*تمتم ديانا
*على الاقل أنا أستقر على واحد لا أغير الذكور في كل موسم للتزاوج* أجابت كارا بنبرة مستهزءة لتضحك ديانا قائلة *لاشيء أفضل من التعدد هكذا يتوسع محال خبرتي فنحن لا نعاشر الاجساد فقط بل الأفكار
نحن مخلوقات ذكية نحتاج للتنوع لأجل المزيد من المعلومات بأختلاف الذئاب الذين لايبحثون سوى عن القوة*
*حسنا لنرى من الاهم قوتي أو عقلك*
قالت كارا مستعدة لشن هجوم على ديانا لاقف لهما بالمرصاد ناسية كل ما حولي
" يكفي يا حيوانات أنتما تعيشان داخل عقلي،وعقلي متعب بسبب عدم النوم ليومان تقريبا
وصراخكما يزيده تعبا، إن أستمررتما هكذا سأحجبكما عني وأضعكما معا لسنة كاملة حتى تعتادا على بعض
لقد مللت منكما تختفيان لشهر ثم تعودان وتتشاجران داخل رأسي أصمتا قبل أن أفعل تهديدي "
*أبحثي عن ذئبكِ الاجرب بدل تهديدنا فقط خرج من الغرفة منذ مدة من يعلم ربما يتسلى مع إحدى المثيرات في الحانة* أجابت ديانا ببرود على كلامي لاعود لوعي وأنظر حول الغرفة
زاهاك ليس هنا،لقد خرج من غير أن يقول لي
مأكد بأنه رأى إحداهن اللعنة
لاشك أنه محاط بأربعة منهن الآن اللعنة ذلك الوغد
سأقلع عينيه سأكسر فكه المثالي وأكسر أنفه
سأجعله بشعا لدرجة لا ينظر له أحد بعد الآن
هل كان يجب أن يكون وسيما هكذا
ركضت للباب وفتحته بقوة لاجده أمامي
" أين كنت كيف تخرج وتتركني وحدي هنا حتى أنك لم تخبرني بشيء "
" ذهبت لجلب بعض الطعام لكِ مالك الحانة يقدم الطعام للذين يستأجرون الغرف "
" يعني ذهبت لحيث يبقى الجميع حيث تتجول الفتيات نصف عاريات بين الطاولات
أصدقني القول هل نظرت لهن هل رأيتهم "
بالطبع رأيتهن إنهن في كل مكان "
" كنت أعرف كنت أعرف أنك ستفعلها في يوم ما
لقد خنتني في النهاية ونظرت لغيري " قلت بصوت درامي بينما دموعي قارب على النزول
" توقفي عن النواح وكلي شيئا ألم تكوني جائعة "
نعم لقد قال ذلك،اكثر شيء أكره هو البكاء وهو الان وصفني بالنواح أي أسوء من البكاء
" أتوقف عن النواح منذ متى وأنت تحادثني هكذا هل تبحث عن مشكلة أيها الذئب الاجرب " حرفيا صرخت بوجه ووصفته بوصفة توصف الكلاب بها
أشعر بالتوتر إنه فقط يجلس في الظلام وينظر للاشيء بلا تعابير منذ مدة طويلة وهذا يجعلني أخاف حتى أني فقدت شهيتي ولم أتناول شيئا
اللعنة إلى متى سيبقى ساكتا هكذا
" كُلي " قال فجأة بنبرة باردة مخيفة حتى أنه لم يلقى نحوي نظرة واحدة
مابي أخاف منه هكذا فجأة ولما تحول لوحش فجأة
فعلت ما قال وتناولت ما جلبه وأخيرا عشاء طبيعي لايوجد به لحم وكان لذيذا جدا
وضعت بقايا الطعام جانبا وجلست أنظر إليه
أنتظرت كثيرا أن يقول شيئا ولكنه لم يفعل
لذا فكرت بأن أعتذر منه لانني ناديته بالاجرب وأتهمته بالخيانة بشكل غير
أغمضت عيناي تنفست ببطء ثم زفرت فاتحة عيناي لابدأ بالتكلم ولكنه قاطعني عندما نظر لي وضرب فخذه
لقد طلب مني الجلوس هناك ومن أنا لارفض أعني بعد ما قلته بالطبع لن أفعل
سارعت بالتوجه له جلست على فخذه الأيسر حاوطت رقبته بذراعاي وسحبته قليلا ليستقر رأسه على صدري
أعطيه بعض الحنان بتقبيل جبينه وتدليك فروة رأسه
أشتد ذراعه حول خصري فجأة بعد أن كان هادئا
وقربني منه أكثر إلى أن ألتصق جسدينا وشعرت بالألم من قوة أحتظانه لي
" أياك والصراخ بوجهي مجددا أو وصفي بالاجرب حبيبتي، أكثر ما أكره هو الصوت العالي
لا أريد أذيتك ولا حتى بكلمة واحدة
ولكن إن أعدتيها سأفعل رغما عني
يمكنني أن أحميك من أذى الجميع لكن لا أقدر على حمايتك من نفسي، لا تعيديها " همس ببرود
ورفع رأسه خاطفا شفتاي بقبلة مثيرة خالية تماما من الرومانسية
ولكنها قبلة مثيرة غضبه وخشونته تشعل النيران بجسدي
ويجعلني أنسى تهديده المستفز لي
لا أعلم كيف ومتى تعرينا و وصلنا للسرير
كل شيء حدث بسرعة بقينا هكذا طوال الليل نمارس الحب بقوة إلى أن أنكسر السرير وتوقفنا عن أكل بعضنا لنضحك،يمكنني أن أجزم أن جميع من في الحانة ومن بينهم الثملين يمكنهم سماع ومعرفة ما يحدث في هذه الغرفة
أنار أشعة الشمس الغرفة المظلمة ووقع على وجه زوجي الوسيم لم أستطع عدم الاقتراب منه وتقبيل كل شبر من وجه المثالي
" يكفي لا أظن أنك تتحملين جولة أخرى " قال مداعبا جسدي بيده ثم قلبني لاتمدد على ظهري
أبعدت عيناي عن عينيه ناظرة لجسده لالمح أخيرا يده الأيمن، لقد أنتشر التيبس أكثر ووصل لأسفل كتفه
الآن عرفت لما كان يصر على عدم نزع ملابسه أثناء النوم على عكس الماضي قبل أن يصاب بالسحر
كان خائفا على مشاعري
لم يكن يريد رؤيتي أتألم وأنا أنظر لحالته يتدهور أكثر يوما بعد يوم
" زاهاك المكتبة، يجب أن نذهب للمكتبة ونبحث عن العلاج " قلت ونهضت لارتدي ملابسي ولكنه سحبني لاتمدد مجددا على السرير
غطى جسدي وحاوطني بيديه
" نحن متعبان لم ننم منذ ٣ أيام لنرتح اليوم ثم نبحث لن أموت الان لازلت أملك الوقت "
" زاهاك أنت تموت ببطئ " تظاهرت كما لو كنت سيد نفسي وسيد الموقف في حين أن قلبي كان يرتجف خوفا من الداخل وأظطرب ميزان دقاته وأشبه بشخص يصطك أسنانه بردا ولكن خاصتي يصطك خوفا
وعيناي لا تتبصر سوى الكارثة الذي سيحدث لو لم نجد علاجا
أستيقظنا عند المساء وخرجنا نحن الثلاثة متجهين للمكتبة حيث يتواجد هناك آلاف الكتب عن جميع المخلوقات وقوتها بالإضافة لكتب فلسفية وطبية
كان مبنى المكتبة أشبه بقصر بل حتى أكثر فخامة منها في تحمل بداخلها أشياء مهمة وليس أناسا مغرورين
دخلنا نحن الثلاثة معا وكان داخل مبنى المكتبة الرفوف والكتب فقط
الكتب في كل مكان حرفيا
إلهي كيف سأجد ما أبحث عنه بين كل هذه الكتب
*لا تقلقي أمين المكتبة سيحظر لك كتب السحر فقط إن طلبتي منه ذلك* قالت ديانا لاتنفس بأرتياح وأتوجه نحو رجل كبير السن يجلس فوق كرسي خشبي هزاز وبيده كتاب عتيق
" عذرا هل يمكنك أن تخبرني أين أجد كتب السحر " سألته بلطف هو الشخص الوحيد المتواجد في المكتبة فلابد أنه الأمين
" بالطبع أي نوع تريدين التاريخية أم عن سحرهن " أجابني وسأل مع إبتسامة لطيفة زادت من تجاعيد وجه
" السحر الأسود،أريد القراءة عنه "
" بالطبع يوجد أكثر من عشرة كتب تتحدث عنها "
" أريدها جميعا سأقرأها "
نظر لي بتعجب وسرعان ما أومأ برأسه وغادر لجلب الكتب، ألتفتت لزاهاك وأبتسمت بوجه بأطمئنان
ليقترب مني ويقبل جبيني قائلا " سأغيب قليلا مع هاغرا هناك ما يجب أن نقوم به، إبقي هنا وأقرأي الكتب"
" حسنا عُد بسرعة "
هز رأسه وخرج وهاغرا يلحق به
.
.
.
" لما كذبت عليها لا يوجد ما نقوم به، لحظة هل نحن نعود للحانة؟ لقد عرفت أنت مللت من بطنها الكبير لذا تريد قضاء بعض الوقت مع الفتيات المثيرات في الحانة
رغم أنك تملك زوجة جميلة لكن لاشيء أفضل من التنوع
خاصة أن الرجال يملون بسرعة
إذا على من وضعت عينك لا تقل الشقراء هي محجوزة لي لقد جربتها البارحة وكانت بارعة "
" ما اللعنة يا ولد أنت لازلت صغيراً متى قمت بكل هذا "
" اوه كان مرتي الأولى قبل مدة طويلة و..."
" حسنا أخرس لا أريد أن أعرف "
" لماذا إنها قصة مثيرة ألا تحب سماع القصص المثيرة "
" أحب تطبيق الإثارة لا أريد سماعها "
" كلام جميل أعتقد أني سأعيد تكراره يبدوا أنك تستطيع أن تعلم الناس أشياء أخرى غير كسر الصخور بلكمة، إن لم نكن ذاهبين للمتعة أين سنذهب "
" أيها العاهر الوقح هل نسيت سبب وجودنا بهذه المملكة
هل نسيت حديثك عن توحيد الممالك ومهاجمة الحكماء"
" تذكرت لقد كان هدفنا صحيح لا أصدق كيف نسيت لوهلة ولكن ماذا سنفعل كيف سنقابل الملك "
" نذهب لقصره "
" هل حجزت موعدا لمقابلته لا أعتقد أنه يقابل التجار"
" هل أبدوا لك كشخص يحتاج للموعد "
" حسنا لا تبدوا كذلك ونحن الآن نقف أمام باب القصر والذي يحرسه أضخم رجلان رأيتهما في حياتي
كيف سندخل "
" راقب وتعلم "
همس بسخرية من رعب هاغرا بسبب مظهر الحارسان وتوجه لمدخل القصر وقبل أن يدخل
أوقفه أستقرار رمح أحد الحارسان على صدره
" عد من حيث أتيت إن لم تكن تريد الموت " قال الحارس بنبرة
غليطة
ليسحب زاهاك الرمح منه بسرعة فائقة فلا شيء يظاهي سرعة المستذئبين ويقفز لاكما وجه الحارس بأقل قوة لديه حتى لا يقتله وينتهي الأمر بدزه في السجن بدل مقابلة الملك
ألتفت للآخر قائلا بنبرة باردة " أخبر ملكك بأن الالفا المستقبلي لمملكة الفاوكين وملك مملكة الميرن يريدان مقابلته لأمر هام "
لم يسمع الحارس كلامه بل هاجمه بالنيران ليتفاداها بكل سهولة
كما تفادا الرمح الذي ألقاه نحوه
خلال ثواني كان جسد الحارس ملقاة على الأرض وأطراف مخالب زاهاك مغروسة بعنقه ليسبب جرحا بسيطا هناك " هل ستفعل ما قلت أم علي قتل كل من يعترض طريقي لأصل له " سأل رافعا حاجبيه ليومأ الاخر بالموافقة
نهض الحارس وأخذهما للداخل طلب منهما أن ينتظرا خارج غرفة الاجتماعات حتى يخبر الملك ثم يمكنهما الدخول
لم يرد زاهاك أن يتسبب مشكلة للحارس لذا أنتظر مكانه بهدوء منتظرا خروج الحارس
" لقد كان ذلك مذهلا كيف فعلتها بيد واحدة
لو كنت مكانهما لفضلت الموت على أن أهزم من قبل شخص يقاتلني بيد واحدة "
" لم أقصد التقليل من شأن خصمي هاغرا، أنا فقط لا أستطيع تحريك الأخرى "
" فهمت إنه ذلك السحر "
" يمكنكما الدخول " قاطع حديثهما الحارس
ليدخل الاثنان لحيث يجلس الملك
كان الملك رجلا كبيرا في السن مجعد الوجه أشهب الشعر ذو ملامح تقليدية يفيض منها الخبث والدهاء
" هل لي أن أعرف ما هو السبب المهم الذي جعلكما تهاجما حارساي وتهدد أحدهما بقتل كل من في القصر لأجل لقائي " تسائل الملك بنبرة غاضبة وخافتة بنفس الوقت
" عذرا على وقاحتي من طريقة أقتحامي لقصرك لكن هناك موضوع مهم يجب أن أطلعك عليه "
" وما هو هذا الموضوع المهم "
" إنه يخص الحكماء بات كذبهم ونفاقهم لأجل السيطرة على العالم السفلي على لسان الجميع
هذا غير بطشهم وظلمهم أعتقد أنك تعرف عن ما يفعلوه للهجناء وسكان المكان الذي يجدون به الهجناء
هذا غير كذبهم لعقود "
" إلى أين تريد الوصول بكلامك "
" أنا زاهاك الالفا المستقبلي لمملكة الفاوكين ومعي هاغرا ملك الميرن أخاطبك لعقد صفقة لاتحاد ممالكنا الثلاثة
والمحاولة لضم بقية المملك لهذا الاتحاد لأجل الترصد للحكماء وصنع حياة أفضل خالية منهم "
" لايمكنني إجابتك الآن أحتاج للتفكير وخلال هذه المدة
سأسعد بأستضافتكما داخل قصري "
" شكرا لكرمك جلالة الملك يسعدني البقاء داخل قصرك سأحظر زوجتي سأذهب لاحظار زوجتي الان "
" أين تركت زوجتك أيها الأمير "
" إنها في المكتبة هي تحب القراءة كثيرا "
" هذا جيد يسعدني مقابلة أناس محبين للقراءة مثلي سأسعد بالحديث معها بعد العشاء أذهب لاحظارها "
هز رأسه وألتفت خارجا من القصر ليلحق به هاغرا بسرعة
" لما كذبت عليه ولم تخبره عن سبب تواجدها بالمملكة "
" أسكت يا أحمق لا تفضحنا "
" لماذا ما المشكلة بقول الحقيقة "
سكت زاهاك لفترة وأجاب بعد خروجه من القصر
" المشكلة أني سأموت لو لم أجد العلاج ولو عرف ذلك لن يوافق أبدا على الإتحاد "
" فهمت تصرف ذكي لكن حبل الكذب قصير لذا يجب أن نبقى حذرين "
" هل تريد أن أحطم عضامك "
" بالطبع لا هذا مخيف "
" إبقى ساكتا إذا "
.
.
وصل زاهاك للمكتبة بوقت قصير وجدها تجلس على الارض
منغمسة بقراءة إحدى الكتب بتركيز و حولها كومة من الكتب
لم يقل شيئا أو يشعرها بوجوده فقد كانت منغمسة ولم يرد إزعاجها
جلس على الارض بعيدا عنها بعض الشي وأنغمس هو الاخر بقراءة إحدى الكتب
إستمرا في المطالعة باحثان عن علاج ليده بينما كان هاغرا ينظر لهما بملل
" لو بقيت في الحانة أفضل من ملاحقة زاهاك، مَلل "
تمتم ماشيا بين أرففة الكتب
يلقى نظرة على عناوين
الكتب إلى أن جذبه عنوان إحدى الكتب
(ولد من الرماد ومن الرماد ينهض)
كانت تلك العبارة أشبه بأسطورة الميرن وعن أنتمائهم للمياه ألتقط الكتاب وبدأ بقراءته لكنه سرعان ما أعاده لمكانه عندما أكتشف أنه يتكلم عن التنانين
هو يعتبر التنانين أسطورة بعيدة عن الواقع فلم يسمع أحد يتكلم عن رؤية تنين منذ آلاف السنين
لذا هو لا يآمن بوجودهم ولا يحب قراءة أشياء بعيدة عن الواقع
لما نحن في القصر " سألت هيدا عند دخولهم لقصر ملك المجنحين والتسائل واضح على ملامحها
" نحن مدعوون من قبل الملك سنتعشى معهم ونبيت هنا لايام "
" والسبب كيف قام الملك بدعوتنا من الأساس "
" سأخبرك لاحقا "قال وسحب الكرسي لتجلس بأنزعاج بسبب
أخفاءه الأمور عليها
أنضم لهم الملك بعد لحظات وبعد ألقاء التحية وبعض الكلمات الود المزيفة
جلس الثلاثة بالاضافة للملك زوجته وأبنته الوحيدة بادئين بتناول طعامهم
" أخبرني زوجك عن حبك الكبير للكتب وهذا أثار إعجابي فالمستذئبين عادتا لايهتمون بها ويرونها سخيفة " تكلم الملك مخاطبا هيدا بإبتسامة
لتجيب الأخرى بإبتسامة مماثلة
" لست مستذئبة "
" حقا توقعت أن تكوني كذلك لأن زوجك مستذئب وأيضا جميعا نعرف قوانين الحكماء لذا لم يخطر ببالي أن تكوني غير ذلك
الان فهمت سبب عرض زوجك، يبدوا أنه يحبك بشكل جنوني ومستعد لإقامة حرب لأجلك
على كل حال من أي مملكة أنتي "
" لم أفهم ماذا تقصد بالعرض وإقامة الحرب "
" أقصد الحكماء هو يريد توحيد جميع الممالك لأجل محاربة الحكماء ومسح قوانينهم الكاذبة ألم يخبر... "
وقبل أن يكمل كلامه نهضت هيدا خارجة من القصر والغضب يسيطر عليها
لحق بها زاهاك بعد أن أعتذر من الملك
كانت خارج القصر بالفعل وتمشي بعيدا عنه بخطواط أشبه بالركض عندما لمحها
وخلال ثواني كان ورائها ويسحب يدها لتلتفت له
" ما سبب مغادرتك هكذا ذلك لم يكن تصرفا لائقا بحق الملك "
" اللعنة عليك وعلى الملك " صرخت بوجه لاكمة كتفه
" لقد كذبت علي منذ البداية، لم يكن سبب حظورك لهنا معي لأجل العلاج بل لأجل جمع الحلفاء لإقامة حرب غبية، لافائدة من خوضه "
" لا فائدة من خوضه؟ وماذا تريدين أن أفعل أقضي أيامي الأخيرة باحثا عن شيء لا وجود له
على الأقل أنا أفعل شيئا نافعا أنا أحاول صنع عالم أفضل لك لتعيشي أنتِ وطفلي بخير بعد رحيلي "
" وكيف ستصنع ذلك العالم بالحرب، هل أنت مجنون
نحن الاثنان ولدنا لنجد أنفسنا داخل الحرب
ونعرف جيدا إلى أين يقود ذلك الطريق
الحرب لن يكون سوى سببا في ولادة المزيد من الكره والموت الفقر والتيتم،حرق الأراضى والجوع
هذا الطفل الذي تود أن تبني لأجله عالما أفضل
سيصبح طفل آخر يتيما بسببه
هل تعرف شعور اليتم زاهاك، أنا أعرفه وأكد لك ليس بشعور جيد "
" لكل شيء ثمن، وثمن الحرب هو الموت
نحن فرسان هيدا، مقاتلون السماء خيمتنا وداخل الحرب هناك تسري حياتنا
نحن يجب أن نعيش تحت شروطنا وليس شروط غيرنا
داخل الدماء سنعيش طالما هناك سيف بيدنا
أنتِ فارسة وتعرفين هذه الأشياء جيدا
لابد من الخسارة لأجل تحقيق ماهو أفضل لأجل الجميع
" إن كان يجب أن يموت الاخرين لأجل أن أعيش بسلام فأفضل الموت على أن أعيش على حساب إراقة أرواح الآخرين "
" قولك هذا لن يغير شيء أنا لن أتراجع "
" ولكني أفعل، سأتراجع عن تلك العهود التي أعطيتها لنفسي بأن أكون معك للأبد " همست وأخرجت الخنجر الذي كانت تخفيه بين ملابسها، نفس الخنجر الذي أعطاه زاهاك لها كإحدى طقوس الزواج ورمته نحوه
ليقع على الأرض عند قدميه
ركضت مبتعدة عنه والدموع تسري من عينيها
في تلك اللحظة أنار السماء بشعاء أصفر
وصل طرفه للأرض قرب هيدا التي كانت لاتزال تركض
لتنفجر الأرض هناك ويترك وراءه حفرة عميقة بينما الدخان يتصاعد للأعلى
لم يتمكن زاهاك من تصديق ما يراه عيناه قبل لحظات كان
يشاهدها تبتعد عنه راكظة والآن
لاوجود لها يكاد يصاب بالجنون كيف حدث ذلك ولماذا
وكيف لم يستوعب شيئا
صرخ بأسمها وكل شبر من جسده يرتجف خوفا عليها
أراد اللحاق بها ليرى ماذا حل بها
يرفض رفضا تاما موتها اللعنة ألا يفترض أن تكون خالدة لماذا مصطلح الخلود يشمل المظهر الخارجي فقط ووقوف الجسد عن التقدم في العمر لماذا لم يشمل عدم الموت مطلقا حتى لو تعرضوا للأذى
لماذا لم تخرج من داخل الدخان حتى الآن
يريد الذهاب إليها بشدة ولكن جسده يأبى الحراك والاستماع لعقله إنه متصلب هكذا منذ وقت
" أخبرتك أن تخرجهم فقط من مملكتي لم أخبرك بتدمير المملكة "
كان آلاف الأفكار يجري داخل عقله ولم يعده لوعيه سوى تلك الجملة الذي أكدت على خيانة ملك المجنحين
وأخبار الحكماء عن وجودهم ولكن السؤال هو كيف عرف الملك بكون هيدا هجينة أم أنه فقط خاف من فكرة لانقلاب على الحكماء وأستدعائهم للتخلص منه
في الواقع لا يهم السبب مطلقا فهو في عداد الاموات
وبالفعل خلال ثواني كان يحكم قبضته حول عنق الملك بعد أن تحول بشكل جزئي لذبه
ولم يلقي ذرة أهتمام لهجوم النيران التي كانت تلقى نحوه من قِبل حراس الملك فقد كان هاغرا يقف لهم بالمرصاد وحول بعضهم لكتل جليديه
" لماذا خنتني لماذا " سأل مستمرا بخنقه ليجيب بأنفاس لاهثة قبل أن يفقد حياته
" وهل كنت تنتظر مني الموافقة لاوقع على زرقة موت نصف سكان العالم السفلي
كما أنك كذبت منذ البداية فأنت منفي والأخر ليس ملكا بل منفي آخر مثلك، طُرد من مملكته من قِبل الوزراء خوفا على أنفسهم من غضب الحكماء " أجاب الملك بأنفاس لاهثة قبل أن يفقد حياته
رمى زاهاك جسده جانبا ونهض مستعدا لمهاجمة الحكيم الذي كان يستعد لإطلاق الشعاء الأصفر للمرة التانية
وفي تلك اللحظة سمع نبضات قلب هيدا يليه خروجها من بين الدخان طائرة للسماء
شعرها أبيض حليبي بالكامل
عروق ذراعها الأيمن تشتعل كالنار
والمياه مجتمعة حول قبضة يدها الايسر
يحيط جسدها قرص دائري بنفسجي نقش عليه رموز غريبة باللون الابيض
ربما لها علاقة بالسحر الأبيض
يبدوا أنها تنأبت بالخطر حولها
كان سعيدا لرؤيتها بخير ولم يستمر تلك السعادة طويلا فسرعان ما طارت ناحية الحكيم وهاجمته
بالنار والمياه بنفس اللحظة
وكان غباء منها عندما هاجمت بعنصرين متظادين
فالمياه تسبب بأنطفاء النيران وتبخير الماء قبل أن يصل هجومها نحوه
تدارك الحكيم ما حدث وهجم منقظا عليها مقتلعا إحدى جناحيها بثانية...
تحول زاهاك في تلك اللحظة وقفز ملتقطا جسدها قبل أن يصطدم بالأرض
كتفها كان ينزف بشدة شعرت بالألم وكأن روحها يخرج منها كانت تشعر بدايانا تموت داخلها
وجسدها يشعر بالنقص
نظرت لجناحها الذي كان لايزال بين يدي الحكيم
يتخبط ويرفرف ريشه
شعرت بالحياة بداخله وكأنه يقاوم ليعود ويلتحم بكتفها حيث مكانه الاصلي
كان جسدها مرهقا بسبب فقدان الكثير من الدماء كذلك جروح التي حصلت عليها أثناء تجنب الشعاء الأصفر
خارت قواها بسرعة وفقدت وعيها فوق ظهر دارك
ترك دارك جسدها في مكان بعيد وعاد لحلبة المعركة خلال ثواني
أول ما فعله هو قطع رأس أحد المجنحين والذي كاد يغرس سيفه بظهر هاغرا من غير أنتباه
" أرني نتيجة ما علمتك أياه أنا سأهتم بذلك العجوز " تمتم دارك بنبرة آمرة قاصدا الحكيم بقوله العجوز
ثم أختفى ليعود نصف متحول مع جسد زاهاك
" ذكاء منك أن تستولي على الجزء المتيبس مني "
قال زاهاك مخاطبا دارك
* هل نسيت أن اللعنة أنقلبت علي بشكل عكسي لم أختر هذا الجانب من جسدك رغبة مني *
" حسنا لنأجل الحديث هناك من يجب أن نقتلع رأسه اليوم "
قال وركض ناحية الحكيم الذي كان لايزال واقفا بين السماء والأرض
إنه لأمر غريب كيف يمكنه الطيران وهو لا يملك أجنحة ولما لايزال واقفا بمكانه ولم يهجم علي عندما شاهدني أقوم بأبعاد هيدا عن هنا
كان كل هذه الأسئلة يمر بداخل ذهن زاهاك ولم يجد له أي تفسير، دخل في مظاربة يدوية مع الحكيم فأختصاص زاهاك في الحرب هو القتال على المدى القريب وليس البعيد
كان الحكيم يتجنب هجماته بسهولة بغير أي جهد
بينما كان زاهاك يعاني صعوبة في مهاجمته فالقفز تلك المسافة الكبيرة فقط لتلكمه عدة لكمات وفي النهاية هو يتجنبها
بسهولة كان أمراً صعبا
عليه جعله ينزل إلى الارض ليقاتله بسهولة
ولكن ذلك يبدوا أمرا صعبا
كان زاهاك ينظر إلى الأعلى حيث الحكيم يفكر بخطة لجعله ينزل للارض
عندما قام الحكيم بأطلاق الشعاء الاصفر للمرة الثانية ناحية هاغرا هذه المرة وكان مقدار الشعاء أكبر بثلاث مرات من الأولى خلف وراءه ضررا كبيرا
لدرجة أن بعض المجنحين الذين كانوا بعيدين عن ساحة المعركة
طاروا بسرعة ناحية الحكيم يقذفونه بالنيران
كان زاهاك يبحث بين الحطام عن جسد هاغرا من ناحية وفي ناحية أخرى كان يحسب الوقت
ليعرف متى سيهجم بالشعاء للمرة الثالثة
بعد مرور دقائق من البحث وجده أخيرا بين كومة من الصخور حمله على ظهره وأسرع بالذهاب لحيث وضع هيدا حملها هي الأخرى
وركض تاركا المملكة بأسرها مستغلا أنشغال الحكيم بالمجنحين، فهذا أفضل حل بضروفه
فإن تجاهل ذراعه المتيبسة لن يتمكن من القتال بحرية بينما لازالت هيدا داخل المملكة تحت الخطر
ويمكن أن يحدث لها أي شيء
لذا فقط ترك كل شيء وراءه وترك مقاتلة الحكيم للمجنحين
كان قد أبتعد قليلا عن المملكة عندما سمع صوت التحطيم الذي خلفه الشعاء الأصفر
* ثلاث دقائق * تمتم دارك ليأكد الآخر قائلا
" لاحظت ذلك يحتاج لثلاث دقائق ليجمع قوته لأجل الضربة الأخرى، قوته تكمن في خفته وذلك الشعاء الأصفر لو لاحظ لامجنحين ذلك سيتمكون من هزيمته بسهولة بعددهم الكبير "
* مصيرهم ليس من شأننا رفيقتنا أهم *
" بل نحن السبب حتى لو كان الملك خائنا لاشأن لشعبه بذلك "
* الاهم هو أن نصاعف سرعتنا الآن لنبتعد عن هنا لاتنسى أن صعود هذا الجبل أستغرق يومان تقريبا*
" النزول أسهل من الصعود ومع سرعتنا سنصل خلال ١٥ دقيقة "
*لما لاترمي جسد ذلك الكاذب وحسب، لابد أن وجوده معنا منذ البداية كان لأجل قتلنا أنتقاما لروح والده*
" لا يهم سنموت في النهاية "
.
.
" هل تظن بأنها ميتة " سأل هاغرا زاهاك الذي لم يتحرك من جانبها منذ يومان
هو قد أستيقظ في اليوم التالي من تلك الحادثة ليجد نفسه داخل منزل غريب مع زاهاك وهيدا التي لاتزال غائبة عن الوعي
بعد أستيقاضه تركوا ذلك المنزل الذي كان تحت الأرض وسلكوا طريقا لا يعرفان إلى أين يؤدي
وجدا بعد ثلاثة أيام صرحا صغيرا تقع وسط بحيرة صغيرة في غابة ما قررا البقاء هناك إلى أن تستيقظ هيدا
وها قد مر يومان على وجودهم هنا ولم تستيقظ بعد
" إلى متى ستستمر بأعطائها طاقتك " صرخ عندما لم يجد أي إجابة من زاهاك
" إخرس " تمتم ببرود ولازال ينظر لها منتظرا أستيقاظها
بفارغ الصبر
" أفعل ما يحلو لك سأرحل من هنا قبل أن يجدوننا "
" حقا ظننتك ستقتلني قبل أن ترحل " همس زاهاك بسخرية ليبتلع الآخر ريقه ببعض الخوف
" ماذا تقصد "
" رأيتك تستخدم السحر عند القتال وقد سبق وقلت أنك لأتعرف شيئا عن السحر
هذا غير كذبك علي بتركك لمملكة الميرن رغبة منك خائفا عن شعبك من الحكماء
أنت منفي آخر مثلي أتيت ورائي فقط للانتقام لأجل والدك "
" كشفت كل شيء إذا أنت شديد الملاحظة رغم أنك كنت في قتال آخر عندما أستخدمت السحر المخفي ولكنك لاحظت ذلك، معك حق كنت أعرف منذ البداية أنك قاتل والدي وأردت
قتلك
لكني قررت التقرب منك أولا لاكتشف مهاراتك
لكن الان سأترك الموت يستولي على جسدك ببطئ
ولن أسلب منك أيامك الأخيرة كرد دين على أقاذك لي " قال هاغرا بنبرة واثقة مليئة بالغرور
لينفجر زاهاك ضاحكا بسخرية أمامه لأول مرة
" أيها العاهر الوضيع حتى لو كنت أملك يد واحدة قتلك لن يأخذ سوى دقيقة واحدة أو أقل
لاتنسى أني دربتك وأعرف كل ما بحوذتك من خِدع "
لم ينبس هاغرا بحرف واحد تجاهله خارجا من الصرح مقررا الرحيل
ناسيا كل خطة كان يضعها لأجل الإنتقام لمقتل والده
.
.
كان قد مر يومان على رحيل هاغرا عندما أستيقظت هيدا أخيرا من الغيبوبة
كانت شاحبة للغاية بشفتين متشققة زرقاء وأعين ذابلة
أول ما شاهدته عند فتحها لعينيها هو وجه المرهق والفرح بنفس الوقت
" أهلا بعودتك مجددا " تمتم مقبلا جبينها
" هل أنا ميتة "
" لن يحدث ذلك طالما أنا على هذه الأرضي اللعينة
لن يحدث طالما نتشارك نفس الهواء "
" ماذا عن الطفل " همست بذعر متحسسة بطنها الكبير لتزفر أخيرا بأرتياح ما أن شعرت بحركة الطفل
" ماذا حصل ذلك اليوم بعد أن فقدت وعي "
"لنأجل ذلك لوقت آخر، سأذهب لاسطاد شيئا وأحظر بعض المياه لاتتحركي من مكانك "
" وكأني قادرة على الحركة "
" سيعود طاقتك بعد أيام "
" لكن جناحي لن يعود " همست ناظرة للسقف بشرود والحزن واضح بعينيها
أراد مواساتها ولكنه لم يفعل فهو سيء بهذه الأمور كما أنه يعرف أن المواساة لن يفيدها بشيء فهي فقدت جزءا من جسدها مثله تماما
وعليها أن تتقبل الأمر بنفسها
.
.
أستعادت هيدا عافيتها بعد أسبوع كامل قضته متمددة داخل الصرح
كانت شاردة بالنظر للخارج عندما فتحت باب الصرح وما أن خطت أول خطوة وقعت داخل مياه البحيرة
شهقت بسبب برودة المياه و متفاجئة من وجود الصرح وسط البحيرة
كان منظر الأشجار ذو الاوراق الصفراء البرتقالية المسطفة حول البحيرة منظرا ساحرا خاصة مع غروب الشمس
أشتمام هواء الغابة المصاحبة لرائحة المطر وأزهار الخريف أشعرها بالانتعاش
وبتجديد طاقتها
خرجت من البحيرة داخلة للصرح شلحت فستانها وتركتها قرب النار الشاعلة لتنشف ثم عادت للبحيرة
" أرى بأنك تحظين بوقت ممتع " تمتم زاهاك الذي كان يقف على طرف النهر وبيده طائر ما
إبتسمت له هيدا وسبحت ناحيته
" أشتقت للتحول لعروس البحر والتنفس تحت المياه "
" عروس بحر؟ " أعاد ما قالته متسائلا عن ما تقصده
لتسرع بأخباره عن ما تقصده " هذا ما نطلقه على الميرن في مملكة لارغوس "
" ليس عروس البحر بل عروس زاهاك، عروستي وحدي "
قوس ظهره هامسا بتلك الكلمات أمام شفتيها قبل أن يأخذ شفتيها بقبلة طويلة
" ما ألطفكِ بهذا البطن الكبير، أنت سالبة للانفاس هيدا "
" وأنت نسيت أن تحظر الغزال الذي وعدتني بأسطياده "
" سأحظره ما أن أجد واحدا لنعد للصرح الآن "أردف مقبلا جبينها ودخل هو الاخر للنهر ليسبحا معا عائدين لداخل الصرح
.
.
مر أسبوع آخر على تواجدهم بنفس
كان موعد ولادة هيدا قريبة لهذا قررا البقاء إلى أن تلد ثم يتكلمان عن وجهتهم القادمة
" لا أعرف لما تصرين على جعلي أقطع الاخشاب لاشعال النار دائما، يمكنني تدفأتك بنفسي تعرفين أن جسدي دافئ دائما كما أن..." تمتم زاهاك داخلا للصرح ثم سكت فجأة وكأن الكلام قد علق بحلقه عندما وجدها عارية وفستانها المبتل على الأرض قرب المشعل
" هل تخططين لجعلي أموت منصدما "
" مابك تتصرف وكأنك تراني أول مرة "
" في السابق كنت أرى وألمس أما الآن لا تسمحين باللمس حرمتيني من متعتي لاسبوعان واللعنة أنت تفعلينها عمدا لماذا تغسلين الفستان كل يوم "
" مابك يا رجل ألا ترى أن الحليب يخرج من ثدياي ويلطخ ملابسي "
" الحليب يبدوا لذيذا " همس ناظرا لصدرها بشهوة
لتعقد الأخرى حاجبيها متسائلة عن ما قاله فهي لم تسمعه جيدا أو هكذا أدعت
" قلت أنه يبدوا لذيذا، لا لا أعني خروج الحليب يعني أقتراب
الولادة سيلد الطفل خلال أيام
ولكن هذا لا يغير حقيقة أني أشعر بالشهوة و سآخذ ثدياكِ بفمي طوال الليل "
قال الجزء الاخير من كلامه بنظرة عابثة
وسرعان ما وقف أمامها حاملا جسدها بيد واحدة
مددها على كومة القش الموجودة
ممتصا إحدى ثدييها بقوة ويده يداعب الأخرى وكأنه آخر ما سيفعله في الحياة
أبتعد عنها بعد دقائق طويلة لم يكتفي منها بعد لكن سماعه لوقع أقدام ورائحة ليست بغريبة عنه يصدر في الارجاء جعله يتركها ليذهب لصاحبه وهو يشتمه بداخله فمن غير هاغرا أقسم على تخريب أجمل اللحظات في حياته
" لما توقفت " سألت وجسدها يرجف بسبب أبتعاده في أهم لحظة
ليقبل زاهاك شفتيها برقة هامسا
" هناك فأمر مزعج يتجول في الارجاء سأذهب لاتأكد من هويته أرتدي ملابسك لاني سأحظره معي "
قال وخرج من الصرح ذاهبا حيث نصدر الرائحة
وبالفعل كان هاغرا كما توقع
أخبره أنه لم يجد مكانا ليعود إليه لهذا عاد لهنا ليكمل تلك الرحلة معهم
" لما تأتي دائما في الأوقات الخاطئة " تنهد زاهاك قائلا بأنزعاج
ليكمل بعد أن لم يجد جوابا من الآخر
" كنت متوقعا عودتك لكني لم أتوقع أن تأتي بهذه السرعة أتبعني "
" لحظة هل أنت جدي أنا أردت قتلك هل حقا ستستقبلني "
" ذلك الصرح ليس ملكي لاطردك منه كما أني لم أجد شرا منك لاقابلك بالشر "
.
.
في صباح اليوم التالي أستيقظ الاثنان على صراخ هيدا
كانت تلد وتتألم كثيرا
ركض الاثنان لها لمساعدتها لكنهما لم يقدرا على فعل شيء لتخفيف ألمها
أستمرت هكذا لساعات، وضعت مولودها عند الظهر ثم فقدت الوعي
كان زاهاك في قمة سعادته بتلك اللحظة وأخيرا حمل طفله بين يديه
كان ذكرا ذو شعر ذهبي وأعين زرقاء
" أنظر لقد خرج شبيها لي " أردف هاغرا بسعادة ناظرا للطفل بأعين مأثرة
"بل يشبه أختي الصغرى " همس مقبلا جبين طفله ليرتفع بتلك اللحظة صراخ طفل آخر
أعطي الطفل ليحمله هاغرا
رفع الغطاء قليلا ليجد بين قدميها طفلا آخر
حمله وأعاد الغطاء لمكانه حمم الطفل
بالمياه الساخنة ولفه بقطعة قماش
كان هذا الطفل ذكرا أيضا ذو أعين صفراء وشعر أسود
أخذ ملامح والده ولون عينين أمه
وكانت العلامة موجودة على ظهره
علامة الهجناء الذي قرأ عنها سابقا عندما كان يبحث بين الكتب عن عدم قدرة هيدا على التحكم بالنار
هو لم يكن ينتظر توأما هو سعيد لوجودهم
ولكن أكثر ما كان يخشاه حدث وولد أحد طفليه هجينا
هو لن يكون قادراً على حمايته بحالته هذه
كان على بعد خطوات من الموت
هيدا لن تقدر على ذلك بعد فقدانها لجناحها فقدت معه معظم قوتها ولن تستطيع الوصول للحالة الهجينة الكاملة ها غير هشاشة مشاعرها
وليحافظ على حياة أبنه عليه أن يرسله للمكان الوحيد الذي سيبقى به آمنا
ما وراء البوابة السوداء أي عالم البشر
كره نفسه على قراره هذا كما كره أنه سيكذب على هيدا ويخفي عنها ولادتها لطفل آخر
ولكنه كان رجلا عاجزا في النهاية ذو مصير مجهول
أخذ أبنه الأشقر ووضعه بجانب هيدا التي كانت لاتزال فاقدة
للوعي ووضع طفله الأخر بين ذراعي هاغرا
طلب منه أن يرحل ومعه أبنه لعالم البشر وأن يحافظ على أبنه جيدا ويبني لهما حياتا هناك
" أنت جننت غالبا كيف سيكبر هذا الطفل بعيدا عن والدته ربما يموت في الطريق "
" لا تعترض هاغرا إنه الحل الوحيد سبق وفكرت بأحتمالية حدوث هذا
وملئت هذه الجرة بحليب الماعز، ليس كحليب الام ولكنه أفضل من لاشيء البوابة السوداء تبعد يوما واحدا عن هنا، أنت أيضا تعرف حقيقة عدم وجود حل آخر غير هذا، أنا أفعله لحماية طفلي
إن طال بي العمر سأعود لأجله ما أن أوحد المملك وإن مت سأخبر هيدا بالحقيقة "
" وكيف ستوحد الممالك وواحد من أقواهم رفض مسبقا"
" بعد ما حدث للمجنحين سينظمون لأجل الانتقام
الساحرات تخططن لقتل الحكماء منذ عصور أما بالنسبة لمملكة الفوكين سأكون الالفا الخاصة بها ما أن أعود مع الحفيد ولن يقدر والدي على الاعتراض
يمكنك أن تعتبر أن ثلاثة من أقوى الممالك لديهم نفس الهدف وأنا سأجمعهم قريبا لم أخطو كل هذا الطريق لاعود خائبا "
هز هاغرا رأسه بطاعة متسائلا " ماذا ستسمي الطفل "
" لايوس "
وهكذا رحل هاغرا قاصدا عالم البشر وبين يديه الطفل الرضيع ذاهبا لمكان مجهول أناس مجهولون ومصير مجهول
نزل دموع زاهاك بتلك اللحظة وهو يرى طفله ييتعد عنه رغم أنه أرسله بإرادته، كانت المرة الأولى الذي يبكي بها ربما
جلس بجانب زوجته المتمددة الفاقدة للوعي
حمل طفله الآخر بين يديه
" أنا آسف، آسف لاني أبعدكما عن قطعة منكما
وآسف أكثر لاني لن أخبركم عنه وسأبقيه سرا "
نظر لوجه طفله النائم بسلام بين أحظانه ليبتسم بين دموعه هامسا
" أنا لا أريد الألم لأحد منكم رغم أني أعطيت أكبر قدر منه لأخيك التؤم
أتمنى أن تسامحوني في يوم ما
كما أتمنى أن أراه مجددا "
.
.
النهاية