ثلاثة ايام
لم اصدق للحظة انه اخبرني بأنه قرر الضياع في البوابات المائة دون حتى وعد مني بإنتظاره.انا وقد عدت للواقع " اذن لا مزيد من عالم الجن والرحلات الليلية صحيح ؟ بسبب ذلك خالتي وامي فقدتا صوابهما ولا اعرف ماذا سأخبرهما لاقنعهما بتركي لكني سأتدبر.."تكلم يوسف متردداً وهو يقاطعني " اريد ثلاثة ايام ! .. قبل ان أجعلكِ متحررة من عالمي.. فقط امنحيني هذا القدر من الوقت، اعدكِ سينتهي بعدها كل شيء جني في حياتكِ !"
فكرت لثوانٍ قليلة وأدركت ان هذا اقل ما يمكنني عمله مقابل كل ما سيفعله، لذلك وافقت ثم أخبرته " احتاج الان لمواجهة الحياة ! في الخارج لديّ الكثير لافسره.. فقط سأخبرهم ان كل شيء انتهى.. سأذهب الان تمنى لي الحظ "ابتسمت ونهضت مغادرة وسمعته يقول " تستطيعين فعلها أنتِ لا تحتاجين للحظ "اتسعت ابتسامتي وقلت " نلتقي الليلة في عالمك أيها الجني ! "يوسف " في انتظاركِ اميرتي ! "أخجلني ماقاله وشعرت بالامتنان لانني كنت قد فتحت الباب وخرجت ولم يستطع رؤية ردة فعلي الواضحة على وجهي.
جلست في غرفة المعيشة خالتي نسرين تربت على ظهر امي التي كانت تتكلم وهي تبكي.. كانت وفاء قد اختفت، على الأرجح قررت اللحاق بما تبقى لها من محاضرات اليوم في جامعتها.ما ان تنبهتا لمجيئي حتى وقفتا تحدقان بي في عينيّ والدتي خوف وقلق وفي عينيّ خالتي خوف كما لو انني كنت انا الجني وذلك جعلني اشعر برغبة بالضحك لكن الموقف لن يتحمل لذلك قاومت بصعوبة وكبتتها في داخلي وماتبقى من تلك الضحكة المكتومة خبئتة خلف يدي التي غطيت بها الابتسامة التي تسلقت شفتيّ.
قبل ان تتكلم اي منهما اخبرتهما ان تجلسا لان لديّ ما اقوله.احسست وكأنني معلمة عندما انصاعتا لكلامي كالطلاب في المدرسة بكل هدوء وبلا اي مقاومة، كان ذلك مضحكاً أيضاً لكنني لم ادع شيئاً من رغبتي في الضحك يظهر في تلك اللحظة.انطلقت خالتي تنظر الى الجرح في ذراعي ما ان وصلت إليها وشهقت برد فعل مبالغ فيه كالمعتاد وأخذت تسأل بقلق ما يجب عمله وتدعو الله وكان يجب ان أتدخل سريعاً لإيقافها.كان عليّ ان آتي بتفسير مقنع أو على الأقل حل ما في ذلك الوقت القصير الذي انتظرتا فيه ما سأقوله، وفي مثل تلك الأوقات الحرجة لم يسبق لعقلي ان خذلني حمداً لله !انا "امي، خالتي نسرين، اعرف ان هذا الجرح في يدي اذعركما، انا أيضاً كنت كذلك قبل ان اتذكر ما حدث البارحة !" توقفت اقيس ردة فعل كل واحدة والاستياء كان واضحاً على وجه امي وقالت " هل ستنكرين الان زواجكِ بجني فقط لجعلنا نرتاح ؟! أنتِ ابنتي انا اعرفكِ جيداً ست.."قاطعتها " لا يا امي، لحظة استمعي إليَّ انا حقاً كنت متزوجة بجني حتى ليلة الامس.. هذا هو الخبر السار الذي احمله !"
خالة نسرين " ماذا حدث ؟ تكلمي بسرعة"انا " في الامس كان زوجي الجني موجوداً.." كانت خالتي وامي عندما نطقت جني تتعوذان بقلق، واصلت كذبتي " لقد طلبت منه ان يتركني فأنا اريد الزواج من بشري، في البداية رفض لكنني ترجيته وبكيت حتى وافق ! لا داعي للمزيد من المخاوف انا الان كلياً حرة، الحمد لله " اصطنعت التأثر كما لو انني اريد البكاء من السعادة.خالتي نسرين " وهل وافق فقط لانكِ ترجيتيه ؟ لقد اخبرني الساحر ان الجن العاشق لا يغادر الا عندما تموتين !" وبخت امي فوراً خالتي لقول ذلك، خوفاً من ان يتحقق.أجبت بذكاء " خالتي ! اتعتقدين انني الزوجة الوحيدة لابن ملك الجن!؟! لديه المئات من الزوجات انه جني ليس انسي ليكون مخلصاً لي بالذات! ثم لنكن واقعيات انا لست بذلك الجمال لديه من هن اكثر جمالاً ورشاقة حمداً لله هذا ما أنقذني "
خالت وقد بدت مقتنعة " هذا منطقي أنتِ لستِ بهذا الجمال لكي يتمسك بكِ، أنتِ سمينة لدرجة استغرابي لقبوله بالزواج من.."قاطعتها قبل ان تسترسل " شكراً خالتي على دعمكِ المعنوي لي !"نظرت الى امي الصامتة لكي تتكلم ما ارادته " ماذا عن علامات الجرح في يدكِ ؟!"تلعثمت قبل ان اجد اجابة مناسبة رغم كونها سخيفة الى انتي وضعت الثقة في نبرة صوت لأجعل كذبي اكثر قابلية للتصديق " في الحقيقة هذا الجني نرجسي وشرير لدرجة انه اخبرني انني سأكون مطلقة فقط ان غادرت الغرفة قبل ان يمسك بي كلبه ! نعم لقد كان معه مخلوق ضخم يشبه الكلب وكان يأخذه معه دائماً الى كل مكان.. لم اكن املك خياراً اخر سوى ان أوافق فتلك كانت الطريقة الوحيدة لنجاتي.
المهم هو انني وافقت وما ان أمره بالإمساك بي حتى كنت انا بالقرب من الباب، لكنه تمكن من الامساك بي في اخر لحظة، ولأنني كنت مستميتة على التخلص من الجني قاومت وخرجت من الباب رغم جر الكلب لي، عندها امر كلبه ان يفلتني وأخبرني انه سينفذ وعده ولن يظهر امامي ابداً ما دمت حية !"انهيت كلامي ورسمت ابتسامة عريضة أقنعت ما تبقى من شك لدى امي، احتضنتني وبكت وبكيت معها وانضمت خالتي لحفلة البكاء سعيدتين بسلامتي وتخلصي من زوجي الجني كما اخبرتهما.كان تفسيري تافهاً وربما كان السبب الوحيد الذي جعلهما تصدقانني هو ان البشر عندما يكونون في حالة عجز عن إيجاد حل فأنهم يتعلقون بأي امل مهما كان صغيراً في وجوده كي يرتاحوا من الألم !
في تلك الليلة توجهت الى النوم اترقب لقاء يوسف لسبب ما.امام البوابة المعلقة وجدت يوسف في انتظاري مبتسماً، توجهت اليه وانا افكر ( لن افكر بأي شيء هنا فقط سأشعر كما اريد وافعل ما اريد واعيش كما لو انه لا يوجد غد، هاهو العد التنازلي للايام الثلاثة قد بدأ! )