الأحدث

رواية قاع الظلام - الفصل 40 الأخير

وصف الرواية :
"الانعكاسات على هذه المرآة ربما تشوهت بسبب تعريف المجتمع للجمال" رواية قاع الظلام - الفصل 40 والأخير يجلس أثانيوس ... [أكمل القرأة]
عرض فصول الرواية : قاع الظلام
رواية قاع الظلام

"الانعكاسات على هذه المرآة ربما تشوهت بسبب تعريف المجتمع للجمال"

رواية قاع الظلام - الفصل 40 والأخير

يجلس أثانيوس على الارض أمام المدفئة واضعٌ ڤيولا في حِجره مطوقٌ أذرعه حول خصرها ليلتصق ظهرها بصدره لم يصدق ما سمعه قبل ساعات ،بل لم يصدق ما تراه عيناه حينما رأى كاليا تقف على عتبة الباب بأعين لامعة أثر الدموع وهي تنظر الى أخيها دايون

وبعدما أزال الاثنان شوقهما أخبرتهما عن عودتها مع ڤيولا ،لم يصدق ما يسمعه في بادئ الامر ولكن ما ثبت صحة كلامها هو تواجدها بينهم بحد ذاته ليأمر الحرس بالبحث في الغابة مع نزوله هو الاخر مصاحبهم في البحث

يستمتع الاثنان بسماع صوت طقطقة النار وهي تأكل الحطب بأعينهم المتمركزة داخل المدفئة حيث إنعكس لهبها داخل مقلتيهم

أخفض أثانيوس رأسه واضعٌ إياه في جوف عنقها

مُمرراً أنفه طولياً على عنقها ليرفع يده عن خصرها متلمسٌ جنحي ترقوتها من المقدمة فهذا جزءه المفضل منها

" هل يجدر بي توبيخك أم مخاصمتك الان !، أم أدعي الغباء وأمرر لكِ ما فعلتيه ؟"، تمتم بنبرة خافتة أجشة بذات وضعه هامسٌ في إذنها

" ما رأيك بالخيار الثالث؟!،"،

قهقهت بأصطناع محاولة تلافي أي توبيخات صادرة منهُ الان ،أتتها همهمة الاخر ليبدأ بطبع قبل صغيرة على عنقها صعوداً الى وجنتها

" سأتجاهل الامر فقط لاحتفاظك بقلادتي، لولاها لما عدتِ"، تنهدت الاخرى براحة ففي نهاية الامر هو محق بكل ما يقوله

إستمر الاخر بطبع قبلاتٌ صغيرة على رقبتها مستنشقٌ كمية كبيرة من رائحتها لاشتياقه لها

والان إستطاع التنفس براحة عكس السابق

فالطعام لم يكن يتذوقه بل يأكل ليعيش وكأنه يأكل بتراب ، والهواء الذي لا يحتوي على عطرها ليس بهواءٍ

كل ما يتذكر ما عاشاه من وحدة حقيقة في الأشهر السابقة يتصاعد الغضب لديه بسبب قراراتها الهوجاء التي كادت أن تودي بهم وبعلاقتهم

خرج من شروده على صوت تأوهها المتألم ليجد جلد رقبتها بين أسنانه ،ليطبع فوقها قبلة ناعمة وصغيرة فوقها لعل الالم يخف قليلاً

إبتسم بخفة حالما رأى علامته مطبوعة في عنقها

ليحمحم بجدية محاولاً إبعاد هذه الابتسامة الغبية

ليديرها ناحيته بكامل جسدها حتى أصبحت جالسة فوق قدمه ليطوق إحدى ذراعيه حول خصرها مقرباً إياها منهُ ليضع رأسه في مقدمة عنقها في المنطقة ما بين صدرها وعنقها

" σε θέλω "

همهمت الاخرى بتسائل فلماذا يتكلم بلغته الاغريقية

ليرفع رأسه من عنقها قائلاً بجدية وهو مثبتٌ عيناه في عيناها

" أريدكِ"،

لعق شفتاه ليكمل كلامه بذات الجدية بنبرة أجشة خافتة متلمسٌ وجنتها بيده

" دعيني أعتني بكِ هذه الليلة" ،

طرق قلب الاخرى داخل صدرها بصخب

حتى تجاوز عدد ضرباته المعدل الطبيعي لجديته في الموضوع وقلة حيائه فقد لاحظت هذا الشيء في جميع الحكام

من هيدز الى أبولو ومن ثم أثانيوس الان .

هزت رأسها لهُ بتردد لتشق الابتسامة وجه الاخر حتى لمعت عيناه بفرحة كطفلٌ يقف بجانب شجرة كريسمس

ليضع يده خلف رأسها طابقاً شفتيه فوق شفتيها مقبلاً إياها بأحتياج ليغرقان كلاً منهما في عالمهم الخاص الذي صنعوه

.....

في مكانٌ آخر حيث المشفى في تلك الغرفة التي يعم عليها الهدوء والسكينة يتوسط سريرها هيفيستيوس الحاكم ذو القبضة النارية الذي إلتئم جُرحه.

تنام بجانبه روديا فهي لم تبرح مكانها منذ اليوم الذي دخل فيه بغيبوبة حتى إنها أهملت آريز ليس وكأن الطفل معترضٌ على ذلك

واضعة كف يدها فوق صدره ساندة رأسها على كتفه وهي غارقة في نومٌ عميق بسبب إرهاقها حتى إنها أهملت نفسها حتى نحفت وإزدادت شحوب وجهها

حتى إنها باتت تتسائل مؤخراً كيف لحضنه أن يكون دافئٌ ومريحٌ هكذا !! فمؤخراً باتت تدمن على النوم في حجره لدفئه حيث وجدت راحتها فيهِ

ومنذ مئة عام ونصف ها هي تنام لاول مرة فيه حضنه كرضيعٌ أدمن على حضن والدته.

تململ هيفيستيوس بأنزعاج ليعقف عيناه بألم خفيف غزا رأسه على حين غفلة ، فتح حدقتاه لاول مرة بعد أربعة أشهر لتمر لمعة نارية حمراءٌ قانية داخل مقلتاه لتختفي في ذات الثانية

زم شفتاه بجهلٌ وكل ما يدور في خلده

أين أنا ؟ ،ماذا حدث ؟! أما زلت على قيد الحياة ؟

لتتراوى له أحداث الحرب وما فعله صديقه الخائن فلم يستطع قتله كالمرة الاولى فالامر أشبه بفتح جرحٌ قديم بعد إلتئامه.

شعر بحركة بجانبه ليدير رأسه الى مصدر الحركة لتتسع عيناه الناعستين بدهشة حتى إنه شك بأنه ميت وما يراه مجرد حلمٌ لم يستطع تحقيقه

حلمٌ ممنوع بالنسبة إليه

حيث وجد روديا تغط في نومها كالطفل الذي فقط الحنان منذ الصغر، برأسها المتوضع فوق كتفه ويدها الناعمة فوق قلبه

شقت الابتسامة وجهه لتلمع حدقتيه بدموعٌ ملئت محاجر عيناه رافضة النزول فلم يمانع الدخول في غيبوبة مرة اخرى لو كان سيستيقظ كل يوم على هذا المنظر الجميل .

رفع ذراعه الاخرى واضعٌ إياها فوق عيناه

لتمر ثانية.. ثانيتان حتى إنزلقت دمعة على جانب وجهه ليهتز جسده بخفة أثر بكاءه فها هو على قيد الحياة والافضل من ذلك تغط موعودته بجانبه في نومٍ عميق

تباً لا أحد يعلم كم إشتاق لها ولرائحتها العطرة

كم إشتاق لتمرير أصابعه في خصلاتها الناعمة

ولشعور جسدها الصغير وهي تنام بين ذراعه

الامر أشبه بالنعيم بالنسبة إليه .

مسح دموعه بسرعة حالما شعر بتحركها عاقفة عيناها بأنزعاج لطريقة نومها الغير مريحة ، لتفتح حدقتيها ببطئ ،

تأفأفت بأنزعاج حالما رأت الظلام الدامس من خارج النافذة حيث لم ينجلي الليل بعد ، لا تعلم كم من الوقت قد نامت ،نهضت بجذعها العلوي ساندة جسدها على ذراعها

لتنسدل ستائر شعرها فوق وجهها مانعة إياها من الرؤية ،مدت أناملها مبعدة خصلاتها المتمردة من على وجهها واضعة إياهن خلف إذنها

لترفع رأسها حتى وقع بصرها في عيني هيفيستيوس الذي كان ينظر لها بأشتياق واضحٌ حيث تعمد عدم الحركة أو مد يده لتمسيد خدها لكي لا تهرب منه

منتظراً منها أن تقوم بالخطوة الاولى

إتسعت مقلتيها بعدم تصديق لتمر لمحة من اللهب

الاحمر داخل بؤبؤها لتمتلئ محاجرها بالدموع

" يا اللهي.."، تمتمت بعدم تصديق مادة أصابعها واضعة إياهم فوق وجنته الشائكة بشعيراتٌ صغيرة ،

رفع الاخر كفه واضعٌ إياه فوق كفها ليبتسم لها بوهن

" ياللهي لا أصدق ذلك" ،

إنزلقت دمعة من مقلتيها مرتمية في حضنه من دون سابق إنذار ، لتجهش في البكاء بصوتٍ عالٍ واضعة رأسها في عنقه وهي تتمتم ببضع الكلمات التي لم يستطع فهمها إلا إنه سعيد لردة فعلها التي لم يتوقعها أبداً

ليلف كلتا ذراعيه حول جسدها مستنشقٌ رائحة جسدها الطبيعية التي أدمن عليها

.....

" ماذا عن أبولو ألن يعود ؟!"، اردف دايون بتسائل وهو يجلس أمام كاليا التي كانت تحتضن قدح الشاي الدافئ من بين يداها

لتهز رأسها نافية لتقول

" كلا، لا حاجة لذلك فقد وجد موعودته هنالك.. ناهيك عن خطيئته التي لا تُغتفر ،إنه حاكمٌ طائش وما فعله إنتهك قدسية القوانين"،

همهم دايون بالايجاب فهي محقة في نهاية الامر

فمنذ مئتي وخمسون عامٍ مارس أبولو الخطيئة في إحدى المعابد مُنتهكٌ قدسيتها لدى العامة لتثير فعلته غضب أعضاء المجلس والعامة في إنٍ واحد مقررين نفيه وإخلاء مسؤولياته

" كيف حال يوروتاس ذلك الطفل المشاغب أما زال يحب التجول في الغابة !"،

تسائلت بنبرة مرحة ليقهقه دايون على أثرها

فهي قد تولت تربيته بعد موت عائلته ولكن لم يكن لديها الوقت الكافي لرؤيته وهو يكبر

" إنه بخير، أصبح الان محاربٌ قوي والحارس الرسمي للغابة والمخلوقات التي في داخلها ويحمل وسامٌ من قبل الحاكم كمنصبٌ رسمي لهُ" ،

تنهدت الاخرى بأرتياح لتخفض بصرها ناحية القدح حيث تسلط نظرها على المشروب الساخن الذي يتوسط كفيها بلونه القاني والبخار الشفاف الذي يخرج منهُ .

.....

" هيدز لدي سؤالٌ يدور في خلدي" ،

اردفت نيوبي بعدما تغلب فضولها عليها ليهمهم الاخر لها كردٌ عليها للاستمرار

" كيف أخرجت مطرقتك من النهر!"، حرك الاخر حاجبيه بعدم إرتياح ليحمحم بخشونة مُعيداً ذاكرته الى الخلف قليلاً

Flash back

"شيءٌ مقابل شيءٍ آخر ،ألم يعلمك والديك هذا القانون ؟! "، تمتم هيدز بسخرية وهو يقف امام بوسايدن بملامحه المتجهمة

فهو يحاول مع هيدز منذ ساعات لاعطاءه الحجر النادر الذي يتوسط كفه الضخم وبما إنه حاكم الصخور لن يصعب عليه إيجاد هكذا أحجارٌ نادرة

فقد قرر صنع حُلي لهاڤين فقد مل من لئالئ البحر وأيضاً لكي يجعلها مفاجئة جميلة وهدية صغيرة لمحبوبته

فالحجر الاسود حجرٌ نادر جداً ولا يوجد إلا في أماكن محددة من الممالك فهنالك إسطورة تقول بأن

حاكم القمر قد وقع في حب بشرية من العامة

ليراقبها في كل ليلة منتظراً إياها بفارغ الصبر

وحدث إنها مغرمة بجمع الاحجار بألوانها البراقة من اللون الازرق والاحمر حيث كانت تمتلك جميع الالوان إلا اللون الاسود لندرته.

ليقوم حاكم القمر برمي قطعٌ صغيرة من القمر بجانب بيتها في كل نهاية شهر حينما يصبح القمر بدرٌ

تعبيراً عن حبه لها بطريقة غير مباشرة

" ماذا تريد بالضبط!"،

دعك بوسايدن صدغه بعدم صبر فهو يريد هذا الحجر بشدة ،إبتسم الاخر بأنتصار على خطته التي باءت بالنجاح فلن يكون من الصعب إستمالة سمكة لعينة محبة للاحجار والئلالئ

" أخرج مطرقتي من ذلك النهر ،

المطرقة مقابل الحجر" ، انهى كلامه رافعٌ الحجر أمام بصر الاخر

لينقل بوسادين بصره بين هيدز والنهر بعدم تصديق

حتى إنه كادت أن تفلت منه ضحكة ساخرة ولكنه إبتلعها لكي لا تغير هذه الصخرة المتحركة رأيها

" لك هذا"،

تمتم بخفوت ليقف امام النهر مغمضٌ عيناه صابٌ جام تركيزه داخل المياه مستخدمٌ حاسة سمعه القوية مستمعٌ الى البقع الذي بتغير فيه صوت المياه

إبتسم بخفة حالما وجد مبتغاه ليفرقع بأصابعه تزامناً مع تحرك المياه بشدة وكأن إعصارٌ ما داخل المياه

لتتقلب المياه بموجات صغيرة

لتظهر موجة أخرى حاملة المطرقة ،لمعت عينا هيدز حالما لمحها ليهرول ناحية حافة النهر مستقبلٌ سلاحه

وصل بوسادين إليه ليسحب الحجر من بين يدي الاخر

" أخبر أحدٌ عما فعلناه الان وستجد نفسك وجبة عشاء مطهية" ،

تجاهل الاخر ما سمعه ليضيء وجهه بفرحة عارمة حالما أصبح الحجر النادر بين يداه لانها ستكون هدية قيمة لهاڤين

End flash back

......

في مكانٌ آخر حيث يوروتاس الذي كان يجلس فوق أحد الاغصان ينضر الى السماء الصافية من فوقه مُستمتعٌ بمنظر الكواكب العديدة من فوقه

بينما تجوب السحب في السماء من دون هوادة

يمسك بيده الحصان الخشبي الذي نحته وأعطاه لتينيا ، لا يعلم أين ذهبت أو أين حل بها القدر فقد وجد التمثال موضوعٌ بجانب شجرة ضخمة وصاحبته مختفية من ذلك اليوم لا أثر لها

تنهد بخفة ليغمض عيناه مستمتعٌ بالنسمات الهادئة التي أخذت تضرب وجهه برقة .

......

عند أبولو أو جيمس أسمه الارضي يجلس

في غرفة الجلوس أمام مارلي حيث شغلت هي الاريكة بينما إحتل هو الطاولة لكي يصبح مقابلاً لها

يحتضن كفيها بين يداه ملاعبٌ أناملها الصغيرة من بين أصابعه ماسحٌ على أظافرها وهو يسرد لها كل شيء أخفاه عنها

ليطغي على الغرفة صوت قطرات المطر التي أخذت تضرب النافذة بخفة المتخلل بصوت الرعد مع صوته الاجش الخافت وهو يسرد لها ما حدث بالتفصيل من بداية خطيئته الى قرار نفيه وإخلاءه من مسؤولياته

" ما لم أتوقعه حصولي على موعودة.. ظننت إني سأعيش وحيداً بعد قرار نفيي"،

تمتم بذات النبرة الخافتة المناسبة للجو الهادئ المحيط في الارجاء ، ينتابه شعور الخوف والقلق والمقت إتجاه نفسه خوفاً من رفضها له

لا يود رفع رأسه لكي لا يواجه نظراتها الخائبة وربما المتقززة منهُ ،ما إستغربه هو عدم تحدثها الى الان

وعدم مقاطعتها لهُ في حديثه

لا يعلم على أي ذنبٌ ستسامحه في بادئ الامر

هل كذبه عليها ،أم إخفاء هويته الاصلية عنهُ، أم خطيئته الشنيعة التي نُفي بسببها لتصبح سمعته في الحضيض

" ما تبقى من قوتي فقط تأثيري على الطقس ،

نحن ثلاث حكام من نستطيع التأثير عليه، حاكم الظلام وأنا وحاكم الطبيعة " ،

فهم الوحيدين الذين يمتلكون هذه الميزة وهي التأثير على الطقس فهي هبة إضافيه لقوتهم بأستثناء حاكم الطبيعة فهو المتحكم الرئيسي بالطقس وكل شيء يتعلق به

" لا أعرف ماذا أقول "، رفع الاخر رأسه ناحيتها ليقابل نظراتها الحائرة والمصدومة ليكوب وجهها بين راحتيه قائلاً بأمل

" سأعطيكِ بعض المساحة مؤقتٍ لكي تُلملمي شتات أفكارك.. لكن أرجوك لا تطيلي التفكير" ،

انهى كلامه لينهض من على الطاولة جالسٍ على الاريكة البعيدة عنها نسبياً .

أهذا مصطلح المساحة بالنسبة إليه ! فهو حتى لم يغادر الغرفة بل إبتعد عنها بضع إنشات.

.....

في صباح اليوم التالي إستيقظ أثانيوس

من نومه على أشعة الشمس المتسللة من بين الستائر

الشفافة ،عاقفٌ عيناه بأنزعاج ليضع راحة يده فوق عيناه لإبعاد ضوء الشمس عنه

فمنذ متى يستيقظ على أشعة الشمس !

إنها المرة الاولى لهُ .

تنهد بخفة لينظر الى جانبه حيث ڤيولا التي تغط بنومٍ عميق وهي ترتدي قميصه الاسود الفضفاض

إبتسم إبتسامة واسعة بعيناه الناعستين وشعره المبعثر حيث بعض خصلات شعره هبطت على جبينه

ليبدو وسيماً بشكلٍ إستثنائي

مد يده مداعبٌ وجنتها بأصابعه ليبعد خصلات شعرها المنسدلة فوق وجهها حاجبة إياها عنهُ كالغيوم حينما تحجب البدر

إنسحب جالس على حافة السرير بصدره العاري

لطلب الفطور فلابد إنها جائعة الان فلم يأكل كلاهما طعام العشاء في الامس

وقف على أقدامه لتجذبه لمعة مياه النهر من بعيد ،

إقترب من الشرفة بعدما أبعد الستائر بظهر يده ليضع كلتا يداه على سور الشرفة مُستمتعٌ بالهواء النقي المعبئ برائحة الرطوبة

وأشعة الشمس الدافئة التي لامست بشرته المكشوفة مداعبة إياه ،ناهيك عن سطوعها الجميل فوق مياه النهر جاعلة من الرؤية تبدو صعبة فستُألمك عيناك

إذا ما وقعت فوق سطح النهر

فالمياه أصبحت مرآة عاكسة لاشعة الشمس.

أغمض حدقتيه مستمتعٌ بصوت خرير المياه من بعيد

المتخلل بضوضاء المملكة من أطفال يلعبون هنا وهناك ، وكبارٌ منشغلين بأعمالٍ من حرث الارض وبناء المنازل

ومن فتيات يجلسنْ داخل الحقول الصفراء على شكل حلقاتٍ يتسامرنْ فيما بينهم ،مستمتعات هن الاخريات بهذا الجو اللطيف الذي لن يتكرر دائماً

عاد بأدراجه الى الخلف بعدما ألقى نظرة أخيرة على تلك التي تتوسط سريره غارقة بنومٍ عميق ،ليخرج من غرفة النوم لطلب الفطور

ليسير في الرواق الطويل بغير مبالاة ناظراً الى الخارج من النوافذ التي يتخطاها أثناء سيره ،متعجبٌ من نفسه فتاةٌ صغيرة يتجاوزها في العمر عشرات الاضعاف تستطيع التحكم بمزاجه.

ليس وكأنه معترضٌ على ذلك ،فهو يفهم مشاعره إتجاهها ولكن يصعب عليه البوح بها أمامها فهذا الهراء آخر شيء سيفعله في حياته

خرج من شروده حالما وجد خادمتين أمامه برؤوسٍ منحنية الى الاسفل واوجه محمرة لخروجه من غرفته نصف عاري فهذه أول مرة يفعلها فهو ليس من الذين يستعرضون جمال أجسادهم وعضلاتهم

حتى إنه أكثر من يمقت فعل هذا عكس بقية الحكام ،نظراً لتقززه ومقته لندوبه التي تملئ صدره وخصوصا تلك الندبة التي تتوسط ظهره طولياً فهذه بمثابة كابوسٌ له

أما الان ولسبب غريب أحب إظهارها للعامة غير عابئاً بما يفكروه إتجاهه ،بل مُفتخراً بهم فهي تحكي الصراعات التي عاشها في حياته وخرج منها منتصراً

فالمعارك لها نتيجة واحدة أما الفوز أو الخسارة

لا خيار ثالث لهما ولكونه يقف شامخٌ بمملكته المزدهرة فيعد ذلك إنتصاراً

" أجلبوا الفطور الى الجناح "، إستدار لهنْ بظهره للعودة ولكنه توقف رافعٌ يده الى الاعلى وكأنه تذكر شيئاً ما للتو ليستدير لهن نصف إستدارة

" وضعوا إبريقٍ من الشاي بماء دافي فقط"،

تعمد ذكر هذا فلن يرغب بشرب الشاي من غير إعداد ڤيولا فهنا لا يجيدون إعداده بالطريقة التي تعدها هي .

ليعود الى الجناح مجدداً مقرراً إيقاظها فهو مشتاقٌ لها ولن يرغب بقضاء الوقت لوحده مجدداً بعدما عاش ثلاثة أشهر ونصف من الوحدة الكاملة

تململت ڤيولا في نومها لتعقف عيناها بأنزعاج من الضوء الساطع الذي ضرب وجهها ، تأفأفت لتفتح عيناها التي إستقرت على سقف الغرفة

رفعت رأسها ممررة بصرها حول الغرفة فهذه المرة الاولى لها أن تنام بعد مرور ثلاثة أشهر ،إبتسمت بسعادة فها هي قد عادت الى أحضان هذا السرير المريح فلن يضاهيه أي سريرٌ آخر في الارض

فمعاييرها في الراحة إرتفعت كثيراً بعد عيشها هنا ومعاملة الجميع لها كالملكة ،

إنقلبت على بطنها حاضنة السرير بكلتا يداها محركة وجهها فوق الاسرة الحريرية الدافئة ،

" أرى إنك إشتقتِ للسرير أكثر مني!..يا للسخرية"،

أتاها صوت أثانيوس من خلفها

لتنمحي إبتسامتها تدريجياً ناظرة له بخجل لترفع الغطاء فوق جسدها كلياً ،

" هيا إستيقظي لنتناول الفطور "،

انهى كلامه مبعدا الغطاء من عليها رافعٌ جسدها مطوقٌ خصرها بذراعه ليلتصق ظهرها بصدره

" أنزلني، أستطيع السير لوحدي"، تمتمت بخفوت محاولة النزول من قبضته ،ليأتيها صوته وهو يقول بنبرة خافتة لعوبة

" أشك بذلك" ،

إشتعل وجهها بحمرة قانية لاعنة إياه في سرها

ليضعها على الارض أمام الحمام

" هيا ، لا تبقي واقفة هكذا"،

دلفت الى الحمام مغلقة الباب من خلفها للاستحمام

......

بعد مدة إنتهت من الاستحمام لتخرج من الحمام بعدما إرتدت فستانٍ زهري اللون بسيط وخفيف ،نقلت بصرها حول الجناح حيث لا أثر لعملاقها

زمت شفتيها بأستغراب فقبل قليل كان يستعجلها في الاستحمام فأين ذهب الان !

خرجت من الجناح بشعرها المبلل وألمبعثر أثر عدم تمشيطه المنسدل بحرية فوق أكتافها

سارت في الرواق ببطئ حيث أخذت تتمعن في الخارج من الاودية والحقول الصفراء البعيدة

مستغربة من تغير الجو بهذه السرعة فعندما وصلت الى هنا لم تستطع التنفس بسبب ثقل الهواء

جذب مسامعها صوت طقطقة صادرة من خلف إحدى الاعمدة ، عقفت حاجبيها الكثيفين بتسائل ،

لتميل برأسها الى اليمين قليلاً في محاولة منها لمعرفة مصدر الصوت

إتسعت مقلتيها حالما وجدت آريز ذلك الطفل المشاغب وهو يقف خلف العامود ويناظرها بفضول

" اوه، آريز مرحباً"، لوحت له بيدها في محاولة منها لاستمالته قليلاً فلماذا يمقتها !

خرج الاخر من خلف العامود بكلتا يداه المتموضعتين خلف ظهره " مرحباً بعودتك"،

تمتم بخفوت بعيناه المسلطة على الارض

لتنخفض الاخرى الى مستوى طوله مداعبة وجنته الممتلئة بأناملها " يا لك من لطيف"،

ضرب الاخر يدها الموضوعة فوق وجنته ليردف بشيءٍ من الحرج بعدما تسللت بعض الحمرة الى وجنتيه

" أنا لست لطيف"، قهقهت الاخرى على ردة فعله الظريفة، لتنظر الى الخلف حيثما يخبئ شيئاً خلف ظهره لترى زهرة حمراء ناضجة تماماً

" هل...هل هذه لي؟!"، تمتمت بأستغراب فهذه المرة الاولى التي يهدي لها أحدهم زهوراً

أخرج آريز يده ماداً الوردة بأتجاهها بعيناه التي لم تجد طريقها إليها بل إكتفى بأبعاد بصره عنها بحرج

" ليست لكِ...ولكن لا بأس خذيها"،

اردف بتلعثم تزامناً مع إلتقاطها للزهرة

" شكراً لك أيها الظريف إنها المرة الاولى التي يهدي لي أحدهم زهوراً"،

إشتعلت وجنتيه بحمرة قانية ليصرخ بها هادراً

" قلت ليست لك ،وجدتها في الحديقة"، همهمت الاخرى بتلاعب قائلة

" إذن ما سبب الخدوش التي في يداك؟!"،

أسرع الاخر في تخبئة يده خلف ظهره قائلاً بأنزعاج

" يا لكِ من فتاة مزعجة "،

انهى كلامه مستديرٌ الى الخلف لتلاحقه صوت ضحكاتها تزامناً مع هرولته للخروج من هذا الرواق لاعناً نفسه لكونه قرر إهداءها وردة

......

عادت ڤيولا الى الجناح وهي تهمهم بموسيقى معينة

مستنشقة رائحة الزهرة في كل فينة واخرى ،

" عساه خيراً من أين لكِ هذه؟!"،

أتاها صوت أثانيوس المستغرب وهو ينظر الى الوردة

" لقد أعطاها لي آريز.. لن يصدق أحدهم إذ سمع ذلك"، رفع أثانيوس حاجبه بأنزعاج بعدما تأكدت شكوكه

فهو كرجل لم تخفى عليه لمحة الاعجاب التي يكنها ذلك الصغير الى هذه الحمقاء التي تُراقص الزهرة الان ، فقد لاحظها أول مرة عند إنقاذها لهُ

والمرة الاخرى عند صراخه عليها قبل الحرب ناعتاً إياها بالحمقاء لذهابها معهم ،والان قد ثبتت شكوكه

" سأحرص على إطعامه إياها، هاتيها من يدكِ"،

نظرت له بدهشة ضاربة يده الممدودة إتجاهها

" في أحلامك إنها أول زهرة أتلقاها كهدية"

أغمض عيناه زافرٌ بملل ليشير الى الطاولة

" هيا إذن لتناول الطعام" ،

مرت من جانبه وهي تسير بعنجهية ليهز الاخر رأسه على حركاتها الصبيانية ،

تناول الاثنان فطورهم وسط الصمت المحبب لهم

لتكسر الصمت قائلة

" لقد رأيت أبولو قد صادف إنه الرجل المقدر لمارلي مربيتي"، إختنق أثانيوس في طعامه ليضرب صدره بقبضته عدة مرات

" أأنت بخير؟!"، مدت له قدح الماء ليلتقطه الاخر شارباً المياه رشفة واحدة ،لينظر لها مجدداً

" أقابلتي ذلك المنحرف !"، اومئت هي بالايجاب

لتكمل كلامها " وجدته في منزل مارلي لابد وإنهما يقيمان معاً"، طقطق الاخر بأصابعه على الطاولة

" أمكثتي شهرٌ كامل معه !"، نفت ڤيولا برأسها مصححة له كلامه

" إستيقظت من غيبوبة دامت شهرٌ ومن ثم خرجت من المشفى لاجده يمكث معها... على أي حال هل تربطكما مصالح مشتركة أو شيءٌ من هذا القبيل ؟"

عقف أثانيوس ملامحه بتقزز

" مستحيل أن أوثق علاقتي مع منحرفٌ مثله"، همهمت هي الاخرى له قائلة

" ولكنه يعرفك " ،

لم يرد عليها بل إكتفى بالصمت فلو كانت مارلي موعودته فهذا يعني إنه لم يقترب من هذه الساذجة التي تجلس أمامه

.....

مرت الايام على الجميع من بين هاڤين التي حصلت على مولودها الثاني ولحسن حظ بوسادين كانت فتاة ليسعد بها أكثر مما فعل مع مولوده الاول

حيث أصبح يدللها أكثر من ولده الاول المزعج كما يلقبه

وبالنسبة لهيفيستيوس وروديا التي عادت علاقتهم طبيعية وأفضل من السابق بكثير حيث تريثا هم الاثنان في علاقتهم لكي لا تأخذ منحنياتٌ سلبية فأخر شيء سيوده هو تحطيم هذه الفرصة التي

أتته بعدما كان على مشارف الموت

وأما آريز فقد حرص كلاً منهما على تعليمه وإخضاعه للدروس أسواء إن كانت تخص قوانين المملكة وأصول الحكم أو دروس في المبارزة والقتال والتحكم في القوى

وبالنسبة لهيدز الذي صار أكثر حرصٍ على عائلته الصغيرة المتكونة من زوجته أدراستا وفتاتهم الجديدة التي ولدتها بعد الحرب بعدة أيام لتخرج شخصية الاب الحامي لديه معتنياً بأصغر وأقل التفاصيل التي تخصها

لكي لا يقع في خطأه مرة اخرى حيثما أهمل مولوده الاول منشغلٌ في الاعمال لينتهي الامر بهِ مُسممٌ .

وفي ذات الوقت توطدت علاقتهم هما الاثنان بعد ولادتها ليكون هنالك ملاكٌ صغيرٌ يلطف المكان لهم

وفي ذات الوقت حرص هيدز على جعل كراجوس يمكث لديه في مملكة الصخور حيث إبتاع لهم منزلٍ مع موعودته التي أخرجها من العالم السفلي بشق

الانفس ولكون كراجوس قد تم إخلاء مسؤليته من الحكم فلا مكان له للمكوث فيه

ولكون أثانيوس يمقته كثيراً لما حدث بسببه وأيضا

هيفيستيوس الذي يغتاض منه لمحاولة قتل الاخر له في إحدى المرات

وبالنسبة الى نيوبي فهي لن تحتمل شخص متعجرف ككراجوس فأخر سيء سيفعلوه وضع كراجوس مع نيوبي فهما معاً أشبه بالنار والنفط

وآلفيوس كحاكم جديد منشغل كثيراً بأمور المملكة خاصته من بناءها وإعادة تشييد بعض المناطق المهملة

و أيضا أبولو أو جيمس الذي كان يعيش أسعد أيامه حقاً فبعد مسامحة وتفاهم مارلي معه عقدا موعدٌ للزواج فقد فكرت بأن خطأ في الماضي لن يأثر عليها مستقبلاً فقد إختار إكمال حياته معها وهذا أكثر من كافٍ بالنسبة لها

أما أثانيوس فقبل فترة من الزمن أتاه الخبر المفرح بحمل ڤيولا بطفله ،لا زالت تتذكر كيف كانت ردة فعله حينما أخبرته حيث بقي متسمرٌ في بقعته وكأنه تمثال إغريقي قديم

بعيناه الالتي ترمشان كل فينة وكأن عقله يحاول

برمجة ما سمعه

....

أخفضت ڤيولا بصرها الى الاسفل بعدما كانت شاردة في الخارج من نافذة الغرفة متلمسة بطنها المنتفخة

لتشعر بذراعين طوقتها جسدها من الخلف، إبتسمت بخفة تزامناً مع تقبيل أثانيوس لها من رقبتها

" Πώς είναι η νιφάδα χιονιού μου; "

' كيف حال ندفة الثلج خاصتي ؟!'

إبتسمت الاخرى على هذا اللقب المحبب لها والذي صار يناديها فيه أكثر من إسمها ذاته لتقول

"Εντάξει, τι γίνεται με εσένα; "

' بخير، ماذا عنك؟'

حسناً هل أشرنا ألى إنها تعلمت اللغة الاغريقية ؟

ليس تعلم أكثر مما هو فرض عليها فعل ذلك

فقد حرص أثانيوس على تعليمها بذات نفسه

وكحاكمة لمملكة الظلام يجب عليها تعلم لغة مملكتها فهذا أقل شيءٍ ستفعله

" إشتقت لكِ، لرائحتك.. لوجودك بين ذراعاي"،

تمتم بنبرة خافتة غارسٌ رأسه في جوف عنقها مُمرراً أنفه طولياً على رقبتها

" يجدر بك هذا، فأعمال المملكة تبدو أهم مني"، قهقهة الاخر على كلامها ليدير جسدها ناحيته قائلاً

" ليست أهم منك ولكن كما لكِ حقٌ علي ،هذه الناس لديها حقٌ عليّ أيضاً ، لا يمكنني إهمال ألاعمال لان الفوضى ستعم الارجاء "،

همهمت ڤيولا بحزن بشفتيها العابستين

ففي الفترة الاخيرة لم تعد تراه كثيراً بسبب هذه الاعمال الغبية

دنى الى مستوى طولها عازمٌ على إطباق شفتيه على شفتاها العابستين وكم إشتاق لها سيكذب إذ قال إنه لا تشغل عقله ، فحتى في عمله وإجتماعاته يفكر بها وإزداد حرصه أضعافاً بعد حملها

أطلقت ڤيولا تأوهٌ متألم متشبثة بقميص أثانيوس عاقفة ملامحها بألم ، " ماذا؟ أأنتِ بخير؟ "،

اردف بقلق بعدما أبعد وجهه عنها قليلاً لتتشبث بكتفه بيدها الاخرى شاهقة بألم

" ڤيولا ماذا بك ؟ ،اللعنة أجيبي"،

ضربت الاخرى كتفه قائلة بألم

" أظنني ألد "،

" ماذاا ؟"، هدر الاخر بهلع ليهرول الى الخارج لايجاد طبيبة ،لعنته الاخرى في سرها فمن الاحمق الذي سينسى زوجته خلفه أثناء الحمل ، لا تفهم ماذا يجدر بالطبيبة أن تفعل ،هل تجعل من السرير الفارغ أن يلد؟!

مسكت بطنها مستندة على الجدار الذي بجانبها تزامناً

مع دخول أثانيوس الى الغرفة مجدداً

" حسناً، كيف تفعلون هذا.. خذي نفس عميق وإزفريه، هيا كرريها عدة مرات" ،

تمتم بعدما حملها ليختفي مستخدمٌ قواه ليظهر مجدداً في المشفى الخاصة بالنساء

يتمنى لو يبقى بجانبها والاطمئنان عليها بدلاً من الوقوف خارج الغرفة بينما هي تصارع الالم في الداخل

حاول الدخول عدة مرات حالما يسمع صرخاتها المتألمة وكاد أن يقتل الحكيمات لذلك ،ولكن مجيء دايون جعل من عمل الحكيمات أسهل بكثير فقد عمل على تهدئة أثانيوس ولم يسمح له بالدخول الى الغرفة موبخٌ إياه

ليمر الوقت عليه وهو يستمع الى صوتها المتألم

بينما يقف هو في الخارج حيث أخذ الرواق وهو يسير ذهاباً وإياباً كالمصرع

ما أسكته هو تواجد آديا معها في الداخل حيث أرسل كلاديوس زوجته للاطمئنان عليها ولتهدئة قلق حاكمهم

مر الوقت عليهم لا يعلمون كم إنتظروا لتُفتح أبواب الغرفة لتخرج إحدى الحكيمات منها قائلة

" لقد ولدت... " ،

لم يتركها أثانيوس أن تكمل كلامها بل إندفع الى الداخل كالثور الهائج ليقع بصره أولاً على ڤيولا التي تتوسط السرير بوجهٍ شاحب وشعرٌ ملتصق على جانبي وجهها وشفاهٌ مفروجة بتعب وإرهاقٌ واضح

سار ناحيتها بأقدام تسابق الرياح لينحني بجذعه العلوي ناحيتها مُتلمساً وجنتها بأصابعه

" ندفة الثلج ، لقد فعلتيها"، تمتم بخفوت

ليجد الرد الوحيد هو الصمت رفع مقلتاه ناحية الحكيمة

" لماذا لا ترد؟ ماذا حدث معها !"، اردف بنبرة تخبئ بين طياتها القلق والخوف من حدوث مكروهٌ لها

" إنها بخير كلياً، فقد نامت بسبب الارهاق وهذا شيءٌ طبيعي لفتاة أنجبت تؤام"،

حدق الاخر بها بأستغراب كمن ينظر الى كائن برأسين

فلم يظن بأنها حاملٌ بتؤام !

ليصل الى مسامعه صوت بكاء طفلٍ من بعيد ليلحقه عويل طفل آخر ،إستدار الى الخلف ليجد خادمتين تحتضنان أطفاله بين أيديهن

إقترب منهم بعدم تصديق فلم يسبق له لمس كائن رقيق كالاطفال ،

" إحمله بخفة وإسند رأسه على يدك ،لان رأس الطفل أثقل شيءٌ في جسده "، اردفت كاليا بصوتٍ خافت معلمة إياه كيف يحملهم

هز الاخر رأسه ببطئ بقلبٍ يقرع وكأنه على وشك حل مسألة رياضية صعبة وليس حمل طفل !!

حمل أحد الاطفال من بين يداه مُطبقٌ تعاليم كاليا شاكرٌ إياها في سره فلم يسبق له فعل ذلك ،

قرع قلبه المتحجر داخل صدره حالما لامس الطفل

ليبدأ الاخر بأصدار أصوات رقيقة وصغيرة بيداه الصغيرتين

" إنها فتاة والطفل ألاخر صبي"،

رفع رأسه الى كاليا التي كانت تحتضن الطفل الاخر

حيث كان هادئٌ عكس الفتاة التي تتوسط ذراعه حيث كانت تصدر أصواتٌ صغيرة مست قلبه وتغلغلت من بين ثناياه

" ماذا ستسميهم؟!"،

لم يحتاج الى التفكير كثيرا ليقول من دون تردد

" سأسمي الصبي وسأدع ڤيولا تسمي الفتاة" ،

انهى كلامه واضعٌ الفتاة في سريرها بخفة وحذر

ليحمل الصبي من بين يداه ليسير واقفٌ بجانب النافذة حيث وقعت أشعة الشمس عليهم

"إيربيوس وريث عرشي ،وحاكم مملكة الظلام من بعدي" ، تمتم بهدوء يخبئ من بين طياته الفخر لحصوله على قطعتي من الجنة من الفتاة التي أحبها

فلم يظن ولو لثانية بأن حياته ستأخذ هذا المنعطف

لطالما كان اليأس يتخلله بكونه سيعيش حياة مملة وبائسة لتأتي ندفة الثلج خاصته جالبة معها النور والامل لتتسلل الى قلبه كخيوط الشمس حينما تتسلل من بين الغيوم الداكنة

خرج من شروده على صوت تأوه صادرٌ من الخلف ليستدير بسرعة فلم يستغرق الكثير من الوقت لمعرفة مصدر التأوه

سار ناحيتها بعدما أعطى إيربيروس الى كاليا لينحني ناحيتها وعيناه تبحثان عن عسليتاها من أجل الإشراق مجدداً لكي تضيء حياته أكثر

" أثانيوس.." ، قاطع الاخر كلامها بشفتاه اللتان حطتا فوق شفتاها مقبلاً إياها بحب وفخر لحصوله على عائلةٌ صغيرة لتبادله الاخرى بوهن ناسبة ردة فعله المحرجة أمام الملئ لفرحته

" لقد رُزقنا بطفلين جميلين في إنٍ واحد تبقى لدينا أربع "، قهقهت الاخرى على كلامه لتردف بعدما كوبت جانب وجنته بيدها قائلة

" اوه، يبدو إنك جادٌ بهذا الشأن"،

داعب الاخر أنفه ضد وجنتها غير عابئ بكاليا أو دايون المتواجدين معهم

" لا تعلمين مدى جديتي "،

انهى كلامه تزامناً مع بكاء الفتاة لتنظر ڤيولا الى مصدر الصوت ليسير أثانيوس حاملٌ إياها من بين يداه لكي تراها فهي لم تراهم الى الان

" إنها الفتاة ،سأدعك تُسميها بنفسك ،بينما أطلقت على الصبي إسم إيربيوس"، اومئت له فهذا عادلٌ

حملتها من بين يداها لتلمع حدقتيها بدموع الفرح

لتحركها من بين يداها مهدهدة إياها

لتردف بخفوت

" اوه ،صغيرتي الجميلة.. هل أنتِ جائعة !، ماذا سأسميك يا تُرى!"،

لم تحتاج الى التفكير أكثر لتردف بخفوت ناظرة الى أثانيوس بعينان متوهجتان فرحاً

" مارغريتا... سأسميها مارغريتا"،

أضاءت عينا أثانيوس بمشاعر وهو ينظر إليها بعدم تصديق فهل ستسمي إبنتهم على إسم والدته !

" هذا رائع"، ضحكت على ردة فعله العقيمة حيث لم يستطع التعبير بالكلمات بل إكتفى وجهه بالرد عليها

من صدمة مرسومة على محياه

" أعطني إيربيوس "، حمل أثانيوس الطفل من بين يداه مناولٌ إياه اليها لكي تراه، حضنته الاخرى من بين يداها مقبلة إياه بحنو،

" صغيري اللطيف"، فتح الطفل عيناه الصغيرتين لتنمحي إبتسامتها تدريجياً مصحوبة بالاستغراب

حالما رأت حدقتيه السوداويتان بعينه اليمنى التي يوجد فيها بقعة صغيرة من اللون العسلي

لتستنج فوراً إن العين التي لازمتها بأستمرار هي عين إبنها ،حيث رأتها في المرة الاولى في الميتم خاصتها

......

في مكانٌ آخر حيث آلفيوس الذي كان يتجول في الاسواق لرؤية رعيته بملابس تنكرية فلم يرتدي ملابس فخمة وأنيقة بل إكتفى بأقمشة بسيطة

ما جعله يطمئن هي حركة السوق النشطة من بين بائع ومشتري بالضوضاء المسيطرة على المكان

من صغير وكبير وأصوات ضحكات المارة

ليسير من بين الجموع بهدوء محاولاً عدم الاصطدام بهذا وذلك بسبب زحمة الناس،

إرتاح قلبه حالما رأى هدوء الاجواء حيث لا عصابات تحاول الاحتكار ولا قطاعٌ للطرق وما جعله يرتاح هو تصنيف مملكته في المرتبة الاولى في الازدهار بسبب صفاء ونقاء جوها بسبب قوة حاكمهم الخاصة بالطبيعة

فجمال الطبيعة لديهم ساعدهم كثيراً في التجارة وإزدياد معدلات قدوم الناس نحوهم للسياحة

لتليها مملكة أثانيوس في المرتبة الثانية من بعده

على الرغم من قدوم فترة ما على تحول المملكة بالكامل للون الاسود بسبب السراب الداكن الذي غزا الارجاء لديهم ولكن بعد فترة عادت أمور المملكة لطبيعتها بعد تحسن حالة حاكمهم النفسية

لتزدهر مملكتهم في ليلة وضحاها

ومن ثم تلتها مملكة هيفيستيوس في المرتبة الثالثة وتلتها مملكة بوسايدن ومن ثم هيدز وأخيراً مملكة نيوبي بسبب برودة مملكتهم والتجمد الذي سيطر عليها فلا أحد يستطيع تحمل برودة جوهم غير ساكني مملكتهم

خرج من شروده على صوت صراخ أحد الرجال

مندفعين ناحيته وهم يهرولون

" توقفِ أيتها السارقة"، صرخ الرجل مهرولاً خلف فتاة ترتدي فستانٍ بسيط بمعطف وقلنسوة رأس

" أصمت أيها العجوز ،لقد أخبرتك بأني لم أسرق شيئاً منك"، ردت عليه الفتاة وهي مستمرة بالركض غير عابئة بمن تصطدم واضعة يدها فوق قلنسوة رأسها لكي لا تسقط

" توقفِ ،أيتها اللعينة"،

قهقهت الفتاة ناظرة خلفها حالما رأت سقوط الرجل العجوز بسبب إصطدامه بمجموعة من المارة ،لتحول بصرها الى الامام تزامناً مع إصطدامها برجلٌ بقوة حتى كادت أن تسقط

نظر آلفيوس بدهشة الى هذه الفتاة التي طوق خصرها بذراعه لكي لا تسقط ،إتسعت عيناه بدهشة أكبر ليمر بريقٌ باللون الابيض داخل عيناه

" ماذا تفعل ،أتركني أيها المنحرف"، خرج من شروده على صوت صراخها الذي صم إذناه ،تجاهل ما يخرج من فاهها متمعنٌ بجمال موعودته

التي كانت بشعرٌ أحمر هائج وبشرة بيضاء بنمش منتشر حول خديها وأنفها بعينان سوادوتان

خرج من تأمله على صفعة وجهت إليه ليشعر بألم طفيف على جانب وجهه ليليه صراخها في وجهه

" منحرف عجوز إبعد يداك عني "،

أكل من تراه أمامها عجوز !!

إختفت دهشة آلفيوس ليحل محلها التجهم

" هذا آخر شيءٌ سأفعله أيتها الثرثارة" ،

انهى كلامه مبتسمٌ في وجهها إبتسامة جانبية


بعد مرور عشر سنوات

تسير ڤيولا في ذلك الرواق الطويل المؤدي الى غرفة العزف تنظر الى الافق من الجدران المفتوحة نصفياً ليداعب الرياح شعرها المربوط بجديلة طويلة وجميلة ، ليجذب مسامعها من الخلف ضحكات رقيقة وناعمة

هزت رأسها بيأس فقد تعرفت عليهن ولم يكونّ سوى أطفالها فقد تعودت على لعبهم المتواصل ومشاكلهم التي تحدث فيما بينهم

إستدارت برأسها الى الخلف لتتسمر في البقعة التي تقف فيها حالما رأت بناتها يهرولن بأتجاه غرفة العزف متخطيات إياها منشغلين باللعب فيما بينهم بفساتينهنْ الانيقة وشعرهنْ المزين بأطواق الورد

حسناً لم يكن هذا ما صدمها بل المشهد بذات نفسه فقد شعرت بأنها قد رأته من قبل ،إنفرجت شفتيها بصدمة مع خفقان قلبها حالما تذكرت أول مرة أتت فيه إلى هنا حيث رأت هؤلاء الفتيات وهن يهرولن في ذات الرواق ولم يكونن سوى محض خيال في ذلك الوقت

حسناً لم يكن هذا ما صدمها بل المشهد بذات نفسه فقد شعرت بأنها قد رأته من قبل ،إنفرجت شفتيها بصدمة مع خفقان قلبها حالما تذكرت أول مرة أتت فيه إلى هنا حيث رأت هؤلاء الفتيات وهن يهرولن في ذات الرواق ولم يكونن سوى محض خيال في ذلك الوقت

حيث تسائلت في ذلك الوقت عن هويتهنْ بسبب أشكالهنْ الجميلة وملابسهنْ التي تعبر عن مكانة عوائلهنْ المرتفعة

ليتضح إنهم أطفالها في المستقبل وما رأته سابقاً كان

فقط نبذة صغيرة عن مستقبلها ولكنها لم تكتشف ذلك بسبب جهلها وعدم معرفتها بهذا العالم

لم تستغرب كثيراً عن الامر لتضع كلتا يداها بجانب

جسدها مع قلبها الذي هدأ قليلاً لتنظر اليهنْ من الخلف وهن يهرولن بأتجاه المدخل

وقفت في مكانها مع الرياح التي تداعب شعرها وبشرتها ولم تحتاج للتفكير كثيراً فقد حدث هذا الامر عدة مرات في السابق فقد إستطاعت رؤية أجزاء من المستقبل البعيد

لتنادي عليهنْ من الخلف حالما رأت تدافعهن من أجل الدخول الى غرفة العزف أولاً

" مارغريت، أليگاست.. آبيس، نيڤي توقفنْ عن التدافع حالاً"،

تذمرت الفتيات فيما بينهن ليدلفن الى الغرفة تتابعاً من الاكبر الى الاصغر حيث رفعت مارغريتا رأسها الى الاعلى بأنتصار بعدما تغلبت على شقيقاتها الاخريات

دلفت ڤيولا من بعدهن ليقع بصرها على إبنها إيربيوس الذي كان يجلس على حافة النافذة بأحدى أقدامه المتدلية على الجدار ، إبتسمت بهدوء

فقد إكتسب إبنها هدوء وذكاء والده وملامحها

نظرت الى اليسار لتجد أثانيوس يجلس على إحدى الكراسي واضعٌ إبنهم الصغير في حجره مداعبٌ إياه

بينما يستلقي سيربيرو بجانب قدمه بجسده الضخم الذي أخذ مساحة كبيرة من المكان

لتهرول آبيس و مارغريت ناحية سيربيرو جالسات جنبه متكئات عليه ليزمجر الاخر بخفة حالما جلست مارغريت فوق معدته لتقهقه الاخرى بخفة ماسحة فوق فروه قائلة بعدما إنزلقت بجانبه

" Συγνώμη "

'اسفة'

بينما إتخذت أليگاست قدم والدها كمقعدٌ لها

خفق قلبها حالما رأت إبتسامة أثانيوس التي اضاءت وجهه وهو ينظر إليها بمشاعر مفضوحة

ليتخذ الجميع مكانٍ للجلوس

" والان لنستمع الى عزف والدتكم ،إلزموا الصمت"،

اردف أثانيوس محدثاً إياهن مقبلٌ رأس إليكاست

جلست ڤيولا على الكرسي لتمد أناملها ناحية القيثارة

غارسة اناملها من بين كل وترٌ وآخر

لتغمض حدقتيها وهي تعزف أول نوتاتها الموسيقية ككل يوم وأحيانا تعزف الى أثانيوس بشكلٍ خاص

كما يطلب هو منها

إبتسمت حالما لامست خيوط الشمس الدافئة وجنتها

تزامناً مع عزفها ليطغي على المكان صوت الموسيقى التي تخرج من الآلة بفعل أناملها التي خلقت لصنع المعجزات كما يخبرها أثانيوس هذا الحاكم الذي إحتل قلبها أولاً

على الرغم من بدايتهم الغريبة والمخيفة بالنسبة إليها ولكنها شاكرة لكل الظروف التي جعلتها تأتي الى هذا المكان الجميل

حدثت الكثير من المعوقات ومروا بالظروف الصعبة

والمشاكل ولكنهم هنا الان ، معاً .

يحتضنهم قصراً وغرفة واحدة دافئة متنعمين بحنان والدتهم ودفئ والدهم

أما أثانيوس الذي ككل مرة يسهو في وجهها وهي تعزف يكاد يقسم بأنه لا يستمع الى الموسيقى بقدر تركيزه في وجهها بأبتسامة غبية مرتسمة على محياه

رسم مئات اللوحات ورأى الآلاف منها ولكن لم تتخطى أي لوحة في جمالها بالمنظر الذي يراه الان بعائلته الكبيرة التي يحتضنها بفتاته التي وقفت بجانبه جاعلة من النور يتسلل الى قلبه قبل مملكته

إبتسم بخفة ساندٌ رأسه على رأس إبنته وهو ينظر الى اللوحة الجميلة التي امامه المتمثلة في ڤيولا التي تعزف على قيثارة والدته.


النهــــــــــــــــــــــــــــــــاية


جميع الفصول


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-